استطاعت الثقافة العربية أن تتغلغل في تفاصيل حياة مجتمعات دول قارة أمريكا الجنوبية منذ أكثر من 100 عام مضت، وبرزت في مختلف نواحي حياتهم، ابتداءً من تناول اللغة اليومية التي تضم 500 مفردة عربية، واستخدام فنون العمارة والتصميم والزراعة الأندلسية، وصولاً إلى التقاليد والعروض الفلكلورية المنبثقة عن التراث العربي الذي نقل لأمريكا الجنوبية منذ وصول أول عربي لها في نهاية القرن التاسع عشر، حتى بلغ عددهم الآن أكثر من 40 مليون نسمة. وأوضحت جل الدراسات التاريخية أن ما يزيد عن ثلاثة ملايين من العرب قد هاجروا إلى تلك القارة بعد اكتشافها في نهاية القرن التاسع عشر، وقيل إن البعض منهم كان ضمن فريق المستكشف الأسباني "كريستوف كولومبس" الذي استخدم قاموساً احتوى على كلمات عربية في مذكراته، كما عمل في طواقم سفنه بحارة من المسلمين استعان بهم لتمكنهم من علوم الفلك، والملاحة، وصناعة السفن. ونقل مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات في جامعة الدول العربية الدكتور محمد بن سالم الصوفي عن عالم الأجناس في جامعة أوتو الألمانية الدكتور مايو ري القول : إن وصول العرب إلى قارة أمريكا الجنوبية سبق زمن كولومبس بنصف قرن على الأقل، مستشهدا بآثار عثر عليها في كهوف "الباهاما" في خليج المكسيك اشتملت على جماجم تعود لسكان عرب استوطنوا القارة قبل مجيء المستكشف كولومبس. وقال الدكتور الصوفي في ورقة عمل بعنوان " مستقبل الحوار الثقافي العربي الأمريكي الجنوبي" قدمها خلال أعمال الاجتماع الثالث لوزراء الثقافة العرب ودول أمريكا الجنوبية الذي استضافته المملكة في شهر أبريل عام 2014م : إن المرأة البرازيلية استلهمت طريقة اللبس لدى النساء الأندلسيات، وكيّفت أسلوب حياتها مع أسلوب المرأة في صقلية إبان عصر الأندلس، كما أخذت بطريقة أناقة النساء في ذلك العصر، حتى أصبحت من مظاهر اللبس المتعارف عليها كثيرًا في البرازيل. وأكد الصوفي أن العلاقات الثقافية التاريخية بين العالم العربي ومجتمعات أمريكا الجنوبية تستمد قيمتها من المشتركات القديمة والإسهام العربي الواضح في تشكيل الهوية والتقاليد في هذه المجتمعات، حتى أن العديد من الشخصيات ذات الأصول العربية استطاعت تقلّد مناصب سياسية وأكاديمية رفيعة في تلك القارة، والكثير منهم حقق نجاحات متعددة في عالم الاقتصاد والأعمال والثقافة والفن. // يتبع // 10:11 ت م تغريد