أصدرت دارة الملك عبدالعزيز مؤخرا كتاباً محقّقاً لمخطوطة ( الإشارة إلى معرفة منازل السبعة السيارة ) لمؤلفها وناسخها المؤرخ عثمان بن عبدالله بن عثمان بن بشر النجدي (1210 1290ه /1795 1872م) ، التي تعد أول مصنف مستقل ومتخصص بالكامل في الفلك ألّف في نجد في فن الفلك وعلمه حيث لا يعرف كتاب قبله في مجاله . وحقق المخطوطة أستاذ الفلك بكلية الآداب بجامعة الملك سعود الدكتور محمد بن سعد المقرّي ، حيث جمع الأدلة الشفوية والمدونة على أن المخطوطة بخط مؤلفها وأنها أصلية ووحيدة لا نسخ لها أخرى ، ونشر المحقق الدكتور المقرّي نص المخطوطة في مقاطع في صفحات الكتاب متبوعاً بإعادة كتابتها ثم التعليق عليها فيما يعد ذلك أول طباعة لهذه المخطوطة النادرة ، ودعمها بالرسوم الحديثة ، ودمج أرقامها في جداول ميسرة ، وربطها بالعلم الحديث وبالتراث العربي في علم الفلك . وأعاد الدكتور المقري أسباب تأليف بن بشر لهذا المخطوط إلى ثلاثة أسباب هي : طلب علي بن محمد بن ونيّان كاتب الإمام فيصل بن تركي من بن بشر أن يصنف كتاباً عن منازل القمر وصفة أجرامها وسبرها في السماء لمعرفته بولع ابن بشر ونبوغه في هذا المجال ، فيما أشار إلى أن السبب الثاني هو : مناخ الجزيرة العربية الصحراوي المتقلب وارتباط الناس بحركة الكواكب في حرثهم وغرسهم وزراعتهم واستقبالهم للأوقات الشتوية والصيفية على مدار العام وحركة الأمطار والرياح كونهم مجتمع رعوي وزراعي . أما السبب الثالث فأشار إلى أنه يكمن في شغف بن بشر العلمي بهذا العلم وتفوقه فيه وقدراته الذهنية المتقدة في الحساب والعلوم ، حيث أشار لهذا العلم في كتابه المعروف ( عنوان المجد في تاريخ نجد ) كما صنّف غير كتاب في هذا المجال النادر مثل مخطوطته ( سهيل في ذكر الخيل ) الذي أصدرته الدارة في وقت سابق ضمن اهتمامها بالمآثر الفكرية للجزيرة العربية . وقالت دارة الملك عبدالعزيز في تقديمها للكتاب وأسباب نشر المخطوطة وتحقيقها " وذلك لما له من قيمة علمية واستنتاجات عقلية في مجال الحساب الفلكي ، مؤملة أن يكون في نشره محققاً مصحوباً بدراسة تقديمية وصور ورسوم وجداول توضيحية إسهام في إثراء ميدان الحساب الفلكي وتحقيق للفائدة المرجوة " مشيرة إلى أن مخطوط ابن بشر يستدل به على الحركة العلمية الزاهرة في عهد الدولة السعودية في مختلف العلوم والآداب والمعارف . وأوضح المحقق للقارئ غير المتخصص أن السبعة السيارة المقصودة في الكتاب هي : الشمس والقمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل ، وأن كلمة الكواكب تشمل الكواكب والنجوم ، كما علّق بتوضيحات ميسرة في لغتها ومعلوماتها للقارئ العادي ، ووصف الدكتور المقري ابن بشر بأنه ( حيسوباً ماهراً ) وظهر ذلك في أسلوب ابن بشر في هذه المخطوطة . وضم المحقق الدكتور المقري لكتابه ترجمة للمؤلف ابن بشر بين فيها نسبه ومولده ومكانته العلمية ، ومسكنه في جلاجل بسدير حيث ولد وتوفي فيها ، وحياته الاجتماعية وأسرته ، وثناء العلماء عليه من المؤرخين والباحثين .