ليس هناك حق بعد حق الله ورسوله أوجب على العبد من حقوق والديه عليه، لهذا فقد أمر الله ببرهما والإحسان إليهما، وقرن ذلك بعبادته وطاعته، فقال عز من قائل: "وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته وكان فضل عشر حجج". وتُعد وسائل البر بالوالدين كثيرة، ولعل الحج بهما وهما على قيد الحياة يدخل في نفسيهما الخاتمة الطيبة، إلاّ أنه يجب توعية الأبناء بأن بر الوالدين لا يأتي بالطلب، ومن كان والداه على قيد الحياة يجب أن يسعى إلى رضاهما، وكذلك تتبع رغباتهما قبل أن يغيبهما الموت، ومن لم يلحق برهما وهم أحياء فليؤد لهما حجة. وتتكرر في كل عام بعض المشاهد الجميلة أثناء تأدية مناسك الحج، فهناك من يحمل والده، وهناك من يدفع الأب بواسطة وسيلة نقل، وهناك من يحمي والديه من الزحام، كما أن هناك من يتذوق الأطعمة قبل والدته خوفاً عليها من السكريات، وحرصاً عليها من الموالح المؤدية لارتفاع الضغط ، مما سجّل تلك المواقف في سجلات البر والخير، لتؤكد على أن القلوب لا يمكن أن تُنكر أبداً من أحسن إليها في الصغر، وآن الأوان لرد الدين في الكبر. ومما لفت انتباه مندوب وكالة الأنباء السعودية " واس " ذلك الحاج الذي رفع سجادة الصلاة ليضلل " أمه " ويحميها من أشعة الشمس في منظر قل ما تجده في هذا المكان . وفي مشهد آخر من مشاهد الإنسانية منظر لا يتكرر إلا في القصص ، حين مر حاج قارب عمره الخمسين ربيعًا وهو يدفع والدته المسنة على كرسي متحرك والعجيب أن من خلفه ابنته تمسك له بالمظلة الشمسية لحماية أبيها من أشعة الشمس .