تشتهر مدنية صنعاء القديمة وعدد من المحافظات اليمنية، بصنوف من العادات والتقاليد التي ارتبطت باستقبال حجاج بيت الله الحرام عند عودتهم إلى ديارهم بعد أدائهم مناسك الحج. ومن أبرز هذه التقاليد، ما يعرف ب (المدرهة) أو الأرجوحة، ويطلق عليها أيضًا تسمية (مدرهة العودة) ، في إشارة إلى عودة الحجاج. ويرتبط ذلك التقليد ، الذي يعود تاريخه إلى فترات قديمة جدًا ، ارتباطًا وثيقًا بتوديع واستقبال الحجاج. وتنشط المنظمات المحلية لاستمرار هذا التقليد وعدم اندثاره وذلك من خلال تحفيز الرأي العام على الاهتمام بالموروث الشعبي في اليمن. وتصنع المدرهة من أعمدة الخشب وحبال تسمى (حجاز) بحيث ينصب عمودين من الخشب ويوضع عمود آخر على العمودين ويتوسط العمود الأفقي حبال تمتد إلى الأسفل ، ويجري وصل الحبال بعمود خشبي صغير وتوضع في فناء منزل الحاج أو في فناء منزل أحد جيرانه إذا لم يكن له فناء ، ويوضع عليها شال أو عمامة يسمونها (عمامة الحاج) وتستمر بعد عودة الحاج شهرين أو ثلاثة أشهر يتجمع خلالها الجيران والأهل والأقارب والأصدقاء. ويذكر المهتمون بشأن التراث أن الشروع في تركيب المدرهة يجري خلال أيام التشريق وعقب يوم عيد الأضحى بيوم أو يومين وسط دقات الطبول وترديد الزوامل والقصائد الشعبية المرتبطة بمناسك الحج. يتبع ذلك قيام شخص يطلق عليه اسم (المُمَدْرِّه) وهو صاحب صوت جميل وقوي برفع صوته بالتسابيح والأهازيج وذلك بعد تعليق الفوانيس وعمامة الحاج على جوانب المدرهة ليلاً لينتهي المطاف إلى تقديم مائدة العشاء الجماعي بمناسبة الانتهاء من نصب وتركيب المدرهة. وعند قرب وصول الحجاج إلى قراهم ومنازلهم يتهيأ السكان لاستقبالهم حيث يخرجون إلى مشارف القرى ويقومون بتوزيع اللحوم على الفقراء والمحتاجين. ومع ظهور أول فوج للحجيج يبدأ السكان في إطلاق المفرقعات النارية والرصاص تعبيرًا عن الفرحة بقدومهم وعودتهم سالمين ثم يستقبل الحجاج في منازلهم وفود المهنئين ، كما يقومون بتوزيع ماء زمزم والتمور والسبح والمصاحف على المهنئين. // انتهى //