ارتبط الحج في جازان قديما بعادات وتقاليد عند وداع الحجاج واستقبالهم، ومن تلك العادات ما تعرف ب “تحبيل القعادة”، تقول الحاجة أم خالد “70″عاما”، قبل انتهاء موسم الحج بأيام يبدأ الاستعداد لاستقبال الحجاج، فتطلى المنازل، وتدهن بالنورة البيضاء، أو الجبس بعد تنظيفها وتزيينها ويبدأ كل بيت ذهب منه حاج بتجهيز (قعادة الحاج) وهو عبارة عن “كرسي مصنوع من الخشب” يجدد حباله المصنوعة من الخصف وطيف النخل والدوم وعيدان شجر السدر ويقوم بهذه العملية شخص متخصص في النجارة وتجميل القعايد، وهي قعادة مخصوصة بالحاج تختلف عن القعايد المعروفة، حيث يتم هذا الطقس في التاسع من ذي الحجة وتتجمع النساء وترتفع الزغاريد معلنة الفرح بقرب عودة الحجاج ويرددن “يوم تحبيل القعادة.. كانت أيام السعادة.. والجميع في سرور.. يوم تصليح القعادة.. يحضرون أشراف وسادة”، فيما تخصص كل ركبة أو كل جانب من القعادة لواحدة من قريبات الحاج كوالدته وأخواته ليجلسن عليها حين عودته، ويتم فرشها بالسجاد والمخدات الجميلة والجديدة، وسط مظاهر البهجة والسعادة والفرح، ويمنع الجلوس على ذلك السرير الخشبي حتى عودة الحاج من بيت الله الحرام ليكون أول شخص يجلس عليها، فرحة بعودته وتكريما له”. وأضافت”كان الحجاج في جازان يستعدون لموسم الحج قبل موعده بأشهر، وتحديداً من بعد عيد الفطر المبارك، يجهزون رواحلهم من الجمال والحمير والبغال ويتزودون بالمال ويختارون الرفقة المصاحبة حتى يحين موعد الحج، حيث يبدأون بتوديع الحاج، ويقيمون له حفلاً وداعيا يسمّى”وداع الحاج” ويرددون الأناشيد والدعوات، ويستعينون بسيدة مختصة تنشد شعبيات حزينة منها”ودعت بك ودمع عيني يجول..هلت دموعي مثل هل المطر..راجعت عقلي يوم عقلي افتكر..وقلت يهنا من جواره الرسول”. فيما كان الذاهب إلى الحج في ذلك الوقت يعد نفسه مفقودا وقد يعود لأهله أو لا يعود حيث تتربص بهم الأمراض الخطيرة والحيوانات الفتّاكة المفترسة إضافة لقطّاع الطرق، فلم تكن الطرق سهلة ومسفلتة كما هو الوضع في العصر الحاضر.