أفسد بعض المرشحين لنجومية جامعة الملك عبدالعزيز، طابع المنافسة الشريفة التي أقيمت المسابقة على أساسها، وذلك بشراء الأصوات علانية، عبر مطبوعات «بروشورات دعائية» تعرض المقابل في حالة التصويت لصالحهم. ورغم النفي المطلق من بعض الجهات المشرفة على اختيار نجم الجامعة، الذي تم أمس الأول، وسط حضور متميز، يقدمه مدير الجامعة الدكتور أسامة طيب، إلا أن الواقع الآخر كان خلف الكواليس. دورات مجانية، وسحوبات يومية، وهدايا عينية، بدأ العديد من المرشحين ترويجها، على زملائهم من طلاب الجامعة، طمعا في وصولهم إلى بوابة النجومية للجامعة العريقة. لكن الشركات الدعائية كانت هي الأخرى، حاضرة وبقوة في الحفل الذي أصبح عادة في الجامعة، بعد مرور أربعة أعوام على دورته، ليس من خانة تكريم الفائز، أو رعاية الحفل الختامي، لكن بتعزيز جانب شراء الأصوات، وتكريس التزوير داخل النفوس الطلابية. كان الحدث الطلابي سيمر مرور الكرام، لولا تلك الصفحة التي بثها طالب مرشح من إحدى الكليات على «الفيس بوك»، عرض فيها على زملائه رغبته في الوصول للنجومية، ووضع في نهاية البروشور الدعائي جملة «سحب يومي للمصوتين على ثياب....»، من أشهر الأنواع العالمية. لكن السحب الذي لم يتم بالطبع لخسارة المرشح، وخروجه المبكر من قاعة الحفل، فتح جرحا عميقا في تجربة نزاهة التصويت على أول انتخابات حرة يفترض نزاهتها داخل الصرح الجامعي. 16 نجما اختارت الجامعة 16 نجما يمثلون جميع الكليات للدخول في منافسة الحصول على لقب نجم الجامعة، إلا أن المنافسة انحصرت في ثلاثة طلاب هم نجوم كليات الهندسة، والإدارة، والطب، حيث أدار كل مرشح منهم حملة انتخابية احتوت ملصقات إعلانية ملأت جدران الجامعة، وحملات ميدانية ينفذها مسوقو الحملة داخل مباني الجامعة، إضافة إلى توزيع منشورات تعريفية بالمرشح. بعض المرشحين استخدم أسلوبا أكثر إغراء لحاجات الناخبين من الطلاب بغرض جلب أكبر عدد من الأصوات، واستخدمت إحدى هذه الحملات تقديم دورة مجانية مع شهادة معتمدة يصل قيمتها إلى 300 ريال، كما جاءت حملة أخرى لتقدم لناخبيها سحبا يوميا وهدايا عينية من أحد رعاة الحملة، بينما فضل مرشحون آخرون عدم الدخول في منافسة الحملات الانتخابية لعدم قدرتهم على تغطية جوانب الحملة، مكتفين بتحقيق لقب نجم الكلية. لا علم لنا بادر أحد الأكاديميين، الذي تحفظ على ذكر اسمه، باعتبار الواقع الدعائي أسلوبا غير مقبول من الطالب: «ما يقوم به بعض المرشحين في الانتخابات يعد خرقا قانونيا، صحيح أن معيار الاختيار ليس في التصويت فقط، إلا أن التصويت قد يحسم الفوز لغير الكفء». لكن مدير إدارة النشاط الطلابي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة أحمد مصطفى زغبي أبدى استغرابه الشديد لما يقال عن شراء الأصوات: «لم أسمع أبدا أن بعض المتسابقين قاموا بعملية شراء للأصوات، والمسابقة وعلى مدار أربعة أعوام لم يتخللها مثل هذه الأمور، ولجنة المسابقة حريصة على أن تسير الأمور بشكل طبيعي من غير حدوث إشكالات تعرقلها». إلا أنه استدرك، وأكد أنه: «من الصعب جدا على اللجنة المنظمة أن تشرف إشرافا كاملا على العملية الانتخابية، فكل طالب مترشح غالبا ما يتحرك داخل كليته، حيث بلغ عدد المشاركين 16 طالبا، وكل منهم يقوم بدوره في التسويق لحملته الانتخابية من أجل أن يحظى بأصوات أكثر، ويصعب على اللجنة المنظمة مراقبة العملية الانتخابية وتغطية جميع الكليات، ويجب أن يكون الطالب المصوت لأي مرشح ملما ومقتنعا بمرشحه الذي يرى فيه الكفاءة والأحقية في التتويج بلقب الجامعة». شروط الانتخاب وأوضح الزغبي أن معيار التصويت «لا يمثل من التقييم سوى 20 درجة، فيما 80 درجة متوزعة بالتساوي بين باقي المعايير الأخرى، مثل المشاركة في الأنشطة العامة، والمعدل التراكمي، واختبارات القدرات، والتميز، والمسابقة العامة، وهي أهم بكثير من معيار التصويت». وبين أن الفائز ينال سيارة وهدايا قيمة من رعاة المسابقة، وهي شركات خاصة. إضافة إلى أن هؤلاء الطلاب المتميزين يحصلون على أولوية في تمثيل الجامعة في المناسبات العامة. وفيما حسمت نجومية الجامعة أمرها لصالح نجم كلية الإدارة الطالب في الترم الأخير صهيب زهير عسيلان، شدد الفائز على أحقيته بالفوز باللقب: «شعرت بالفرحة لمساندة كل من وقف بجانبي، بدءا من والدي وإخواني وزملائي في الجامعة، وأعتقد أنني أستحق لقب النجم، بعيدا عن دعايات تشارك فيها الشركات الراعية، أو الخارجية، وذلك لأنني استطعت تحقيق العديد من الإنجازات داخل الجامعة وخارجها، ما جعلني مؤهلا لنيل اللقب، الذي خططت له منذ أول سنة لي في بالجامعة». لكن نجم كلية الهندسة، الذي خسر الجولة الانتخابية يعتقد أنه فاز بالكثير من الأمور الأخرى: «المسابقة حققت لي مكاسب أخرى، إذ تمكنت من التخاطب مع الرعاة والشركات لتبني حملتي الانتخابية، وتواصلت مع أصدقاء جدد كسبتهم خلال الحملة». ولا يرى نجم كلية الآداب، أن فوز زميله باللقب، يجعله في حسرة وندم: «قبل أن نكون منافسين للحصول على اللقب، نحن إخوة وتربطنا قيم وأخلاقيات جمعتنا تحت غطاء هذه الجامعة»