أعلنت عميدة الصحفيين بالبيت الأبيض هيلين توماس، 89 عاما، استقالتها بشكل مفاجئ من منصبها في مقر الرئاسة الأمريكية، بعد جدل كبير أثارته تصريحات أدلت بها في 27 مايو الماضي حين دعت الإسرائيليين إلى مغادرة «فلسطين والعودة إلى ديارهم». وتقاعدت الصحفية المخضرمة التي غطت أخبار كل رئيس أمريكي منذ جون كنيدي في الستينيات، وسط عاصفة من الانتقادات. ورغم أن توماس الأمريكية من أصل عربي اعتذرت عن تلك التصريحات التي سجلت في مقابلة تليفزيونية مرتجلة بتاريخ 27 مايو، ووضعت في موقع على الإنترنت لتنتشر بسرعة البرق، إلا أن ذلك لم يبعدها عن تنديد واسع النطاق بما في ذلك من البيت الأبيض نفسه. وكانت توماس، وحتى قبل استقالتها، تأتي يوميا إلى البيت الأبيض، وتجلس بشكل تقليدي في الصف الأول خلال الإدلاء بالبيانات الصحفية اليومية، وتحظى باحترام كبير من قبل زملائها ومن قبل طاقم الرئيس باراك أوباما، الذي احتفل في أغسطس الماضي بذكرى مولدها التي تصادفت مع عيد ميلاده ال48. وأدهش الرئيس ال 44 لأمريكا الصحفيين بحضور المؤتمر الصحفي اليومي ومعه طبق مملوء بالكعك، أحضره ليشارك به هيلين توماس، التي تعد أقدم موظفة في الفريق الصحفي بالبيت الأبيض، فرحتها ببلوغ ال 89 من عمرها. وأصبحت توماس اللبنانية الأصل، كاتبة عمود في سلسلة صحف «هيرست» في الأعوام الأخيرة، بعد أن عملت لعدة عقود مراسلة ليونايتيد برس الدولية في البيت الأبيض. وجاءت تصريحاتها المثيرة للجدل أثناء حضورها احتفالية بمناسبة «شهر التراث اليهودي الأمريكي»، ردا على سؤال من موقع إلكتروني جاء فيه: « هل من تعليق على إسرائيل؟» وأجابت بالقول: «ليخرجوا من فلسطين»، وجاء السؤال التالي سريعا: «هل من تعليق أفضل على إسرائيل؟»، فأجابت: «تذكروا أن هؤلاء الناس «الفلسطينيين» تحت الاحتلال، وهذا وطنهم.. فهذه ليست ألمانيا ولا بولندا»، ولدى سؤالها: « إلى أين سيذهب اليهود؟»، أجابت: «ليعودوا إلى وطنهم، إلى بولندا وألمانيا، إلى أمريكا، إلى أي مكان آخر». وجرى تسجيل هذه المقابلة وبثها سريعا على الإنترنت. ولم يكن اعتذار توماس عن تصريحاتها كافيا ليسكت الانتقادات العنيفة لها والمطالبة، إما بإقالتها أو وقفها عن العمل في مؤسسة «هيرست». وكانت المراسلة المخضرمة من أبرز العاملين في المؤتمرات السنوية للجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز التي تجمع آلاف الأمريكيين من أصل عربي مع مسانديهم في واشنطن العاصمة للاحتفال بتراثهم وإقامة حلقات النقاش التي تتناول موضوعات متباينة من السياسة إلى المهرجانات السينمائية. وكانت هيلين تشير إلى أنها فخورة بثقافتها العربية والأمريكية، وأعربت عن أملها في أن يفهم الجانبان بعضهما بعضا. وتابعت: «لا أشعر بانقسام بين ثقافتين، لكنني بالتأكيد أشعر بالفخر والسعادة لأنني أنتمي لثقافتين، وأعتقد أنني استفدت من خلفيتي العربية ومن كوني أمريكية» .