ليس بالضرورة أن يكون مصدر النجاح مرتبطا بالتكلفة المادية، فكم من أشياء بسيطة لم تكلف الكثير من المال وحققت نجاحا باهرا. لذلك علينا ألا نترك تحقيق أحلامنا لمجرد أن تفكيرنا بتحقيقها مرتبط فقط بالمورد المالي. ليس من الفراغ عندما قال الأولون إن المال ليس كل شيء في الحياة، فهناك ما هو أهم من المال. هذه السنة جلب فيلم سينمائي أرباحا تجاوزت 200 مليون دولار، ونجح نجاحا كبيرا على الرغم من أن تكلفته لم تتجاوز العشرين ألف دولار، وهي تكلفة زهيدة بالمقارنة مع الإنتاجات السينمائية الضخمة. لكن هذا الفيلم اعتمد على فكرته في تسويق نفسه، فقد تم تصويره بكاميرا فيديو شخصية لمحاكاة القصة الحقيقية التي يتناولها، وهي قصة امرأة كانت تشتكي من وجود الجن في بيتها فقام زوجها بوضع كاميرا فيديو لتصوير كل ما يدور، الى آخر أحداث الفيلم المثيرة. قام شاب سعودي بوضع فيلم له على «اليوتيوب» لم يتجاوز أكثر من ست دقائق، يتحدث عن ضحايا الحوادث المرورية وأهداه لابن خاله الذي كان ضمن ضحايا «إرهاب الشوارع» كما عنون عمله. ولا أبالغ أن هذا العمل الإعلامي الذي أنجزه الشاب بمجهود شخصي لا يضاهي نجاحه نجاح أي دعاية مماثلة، طوال أعوام من الدعايات المرورية لم تنجح في تقديم عمل مبهر وواقعي يجعلك تفكر ألف مرة بما تشاهد وتسمع مثلما قدمه هذا الشاب المكلوم بفقد ابن خاله. شاهدت العمل فصدمت بحقائق لم أسمعها في حياتي من قبل، وكانت طريقة العرض تحمل «سيناريو» في قمة الاحتراف والجودة وأنصح الجميع بمشاهدته، لأنه درس مجاني يثبت أن الإنسان خلاق وقادر على النجاح مهما تضاءلت إمكانياته. هو النجاح الذي يتم من خلاله هزيمة «المال» ونصرة «الوعي»!.