يعيش المنتخب البرازيلي مرحلة تحول، انعكس فيها أداؤه داخل المستطيل الأخضر بشكل كامل، فبعد أن كان البرازيليون هم أسياد المتعة حتى انقضاء جيل رونالدو وريفالدو في بدايات الألفية الجديدة، قرر كارلس دونجا المدرب الحالي لأبناء «السيلساو» أن يسير المنتخب وفق عواطفه، فهو محور دفاعي سابق يعشق الواقعية والانضباط، ومعه دخلت الكرة البرازيلية فصلا جديدا بتخليها عن واحدة من أبرز تقاليدها بإمتاع المشاهد، حيث أصبحت في الفترة الجارية تبحث عن النتائج كيفما جاءت. والتمس عدد من أساطير الكرة البرازيلية وعلى رأسهم «الجوهرة السوداء» بيليه العذر للمدرب دونجا، خصوصا أن طينة اللاعب المهاري لم تعد موجودة في تشكيلة البرازيل، إذا ما علمنا أن لويس فابيانو يعد المهاجم الأبرز محليا، وهو ينتهج الطريقة التقليدية بعيدا عن المهارات الفردية، بحيث يترجم مجهودات زملائه إلى أهداف دون أي إضافات أخرى. وحقق دونجا بفضل منهجيته الجديدة لقب كوبا أمريكا وكأس القارات، وتصدر منتخبات قارة أمريكا الجنوبية بالتصفيات المؤهلة ل«المونديال» وهو ما جعله يتحاشى غضب الجماهير البرازيلية، التي اعتادت على التمتع بما يقدمه نجومها. بيد أن الطريقة التي يختار بها ملابسه لم تثنه عن النقد، حيث سخرت الصحف المحلية كثيرا من دونجا البعيد عن الأناقة، وتساءلت بعضها عما إذا كان المدرب لا يجد المال الكافي لانتقاء ملبوسات أفضل، تبرزه بمظهر أفضل. وأطلق دونجا تصريحا شهيرا فور استلامه زمام تدريب المنتخب، وأظهر من خلاله الطريقة التي يريد بها مشاهدة لاعبيه: «عليكم أن تعرفوا أن المهارات الفردية لم تعد تحقق المراد في كرة القدم الحديثة، بل العمل الجماعي هو الأمر الأهم.. لذلك سأنتزع ثوب المتعة التي ارتدته البرازيل طيلة تاريخها، وسألبسها ثوب الواقعية». وكان المدرب الذي لم يسبق له أن تسلم قيادة الجهاز الفني لأي من الفرق والمنتخبات، حرص على «تأديب» لاعبيه الذين عرف عنهم عشق السهرات الحمراء: «لن تقف البرازيل على اسم معين، ومن تكن أفعاله مخالفة لما أريده، فإنه لن يجد له مكانا في تشكيلتي». وبعيدا عن نهج دونجا، يبرز في تشكيلة المنتخب البرازيلي أسماء ريكاردو كاكا وروبينهو، وهما الوحيدان اللذان لا يزالان يحافظان على تقاليد اللاعب البرازيلي نظرا إلى ما يمتلكانه من مهارات عالية، وقدرة على الوصول إلى مرمى الخصم بمجهود فردي دون مساعدة من بقية اللاعبين، بالإضافة إلى حارس المرمى خوليو سيزار وقلب الدفاع لوسيو. ويعد المنتخب البرازيلي المشارك في النسخة المقبلة من «المونديال» مختلفا تماما عن سابقه، فلم يعد يوجد رونالدينيو ورونالدو أو حتى أدريانو، حيث رأى دونجا أن النقلة الكاملة لطريقة أداء المنتخب، لن تخدم الثلاثي المذكور لأنه يحب أن يكون لاعبه أكثر واقعية ويفيد بقية زملائه داخل أرضية الميدان، معتبرا المهارات الفردية جزءا ثانويا لا يستحق أن يتم التركيز عليه في ظل المنظومة الجماعية التي يعتمد عليها. ومع توحد المنتخب البرازيلي، والأجواء المميزة في معسكره الاستعدادي للمونديال، لن تكون المشاركة في البطولة لهدف آخر غير رفع كأس البطولة عاليا للمرة السادسة في تاريخ « راقصي السامبا»، على الرغم من صعوبة المهمة في ظل التنافس القوي بين بقية المنتخبات خصوصا الإسباني الذي يمتلك مجموعة مميزة من اللاعبين