اقتحام المرأة لقاعات المحاكم كي تترافع عن موكلة كان مستبعدا طوال الأعوام الماضية، إلا أن المشكلات الاجتماعية والضرورات التي غالبا ما تكون المرأة طرفا فيها حتمت على المجتمع تقبل عمل المرأة في هذا الجانب. فالمحامي رجلا كان أو امرأة معني بالترافع وللتأكد الاستئناف وفقا لمبدأ «ولعل بعضكم يكون أبلغ من بعض» حتى يتبين الحق ولا يضيع وسط بينات مشبوهة أو منطق معوج، ما يجعل المحامي أو المحامية أداة فاعلة في تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية. المحامي والمستشار القانوني ريان عبدالرحمن مفتي يؤيد عمل المرأة في المحاماة بضوابط شرعية: «لا بأس من عمل المرأة محامية وخاصة في هذا الزمان ولكن بضوابط شرعية بعدما كثرت الخلافات الزوجية ومشاركة المرأة في الحياة العملية للرجل»، مضيفا: «كثير من النساء لديهن خلافات أسرية ويعشن حياة زوجية قاسية جدا إلا أنها لا تستطيع أن تذهب إلى محام وتبوح له بأسرار حياتها الزوجية من سوء معاملة الزوج لها أو إجبارها على الإتيان بمخالفات شرعية، فهناك أسرار كثيرة تتعلق بالحياة الزوجية الخاصة بين الرجل والمرأة لا تمتلك بعضهن الجرأة على أن يعترفن بها أو يذكرنها أمام المحامي كرجل، وفي مثل هذه الظروف يجب وجود دور المرأة كمحامية لترفع هذا العبء الثقيل عن عاتق كثير من النسوة اللائي يمنعهن الحياء من التخلص من الظلم والقهر الذي يعشن فيه». ويؤكد مفتي: «هذا ليس مخالفا للشريعة الإسلامية؛ فوجود المرأة في مثل هذه المهنة مع تحقيق الضوابط الشرعية في عصرنا هذا ضرورة تفرضها مصلحة المرأة في المجتمع السعودي، خصوصا في قضايا الأحوال الشخصية كالطلاق والخلع والنفقة والعضل التي تحوط بها كثير من الأسباب المحرجة أو التي تخدش حياء المرأة إن أفضت به إلى رجل محام». تقوى الله عن المميزات التي لا بد أن يتمتع بها المحامي، يوضح مفتي: «المحاماة رسالة وأهم ما فيها مخافة الله في السر والعلن، والموكل أمانة في عنق المحامي وعليه أن يحافظ على هذه الأمانة بكل السبل سواء بالقول أو العمل أو النصيحة للموكل، فعملنا محامين يستوجب السرية للمحافظة على أسرار الموكلين، كما أنه لا بد أن يتمتع المحامي بالمصداقية في التعامل مع الموكل، وأن يوضح له مدى نجاح أو خسارة دعوته منذ البداية». ويضيف: «على المجتمع أن يعلم أن المحامي مطالب ببذل جهد أما تحقيق النتيجة فهو موكول إلى الله تعالى ثم القاضي، كالطبيب مثلا يصف الدواء للمريض وعلى ذلك قد لا يشفى المريض، فهذا ليس تقصيرا منه، فهو مطالب أن يبذل قصاري جهده والشفاء بيد الله، والمحامي يبذل قصارى جهده والنتيجة بيد الله تعالى، كذلك يجب أن يتميز المحامي بثقافته الواسعة ليس في القانون فقط بل في كل ما يخص المجتمع من ثقافات وما يطرأ على هذا العالم من مستجدات، فالقارئ لتاريخ المحاماة يجد أن المحامين أول من ينادون بالحريات وينددون بالجرائم والمخالفات التي تقع في المجتمع، ومن وجهة نظري أن المحامي عمود في المجتمع المتقدم لا يستطيع أن يقوم بدونه فهو القضاء الواقف الذي يرفع الظلم عن كثير من الناس فلا يتصور المجتمع دون محام». الواقع والمستقبل وبالنسبة إلى عدم وجود أقسام متخصصة في الجامعات لتخصص المحاماة، يشير الى أنه «في الماضي القريب لم يكن لهذا التخصص وجود ولكن في الفترة الحالية، فلا توجد جامعة سعودية حكومية أو خاصة، إلا وتخصص القانون متوافر بها، كما أن هنالك دعما من خادم الحرمين الشريفين بابتعاث طلبة البكالوريوس للحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه في القانون». وفيما يتعلق بمستقبل المحاماة: «المحاماة واقعها ومستقبلها يبشر بكل خير والحمد لله؛ حيث تم وضع ميثاق للمهنة منذ فترة طويلة تزيد على 20 عاما وقد تبنته اللجنة الوطنية للمحامين والمستشارين القانونيين بالرياض، وقد أخذ منه الكثير في نظام المحاماة المعمول به في المملكة حاليا، فمستقبل المحاماة مبشر وذلك لأن المجتمع تعددت نشاطاته ومجالات أعماله فلا يستطيع المجتمع الوجود دون المحامي في مثل تلك الأحوال على غرار كل دول العالم التي تتمتع فيها مهنة المحاماة بمكانة مرموقة».