مقرر «101 حسب».. على هذا المنوال تضع الجامعات السعودية رموزا لمقرراتها، فهل يكون هذا الرمز واقعيا لمقرر يتناول الحسبة، وتسهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في صياغته، وتقديمه إلى الطلاب والطالبات على حد سواء، لتقدم من خلاله رسائل متعددة حول ثقافة وفقه الاحتساب، خاصة أن المجتمع يحتاج إلى هذه الثقافة، كما أن أعضاء الهيئات يحتاجون إلى مثل هذه المقررات لكي يطوروا آداءهم ويتجاوزوا بعضا من المشكلات التي تعترضهم، وستكون اختيارات الرئاسة لموظفيها تبعا لتفوقهم في هذه المقررات، ومن خلالها يستطيعون أن يتعرفوا على مستويات المتقدمين لشغل وظائفها، إذن فوجود مقرر كهذا له فوائد متعددة، فكيف لو كان ليس مقررا واحدا، بل عدة مقررات، أو قسما خاصا في جامعة إسلامية، أو حتى معهدا مختصا بذلك؟ يؤكد رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود والمشرف على كرسي الملك عبدالله للحسبة الأستاذ الدكتور سليمان العيد، «أهمية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضرورة الاهتمام بها وتأهيل العاملين في هذا الحقل الوظيفي، كما أن المجتمع بشكل عام بحاجة إلى التعرف على ثقافة الحسبة، والعمل الاحتسابي، خاصة أن هذا العمل يعد من شعائر الإسلام، وبالتالي فكل المسلمين مطالبون بالقيام به، ومن هنا ففكرة إيجاد مقررات خاصة فكرة أؤيدها وبقوة، ومن خلال عملي بالتدريس في جامعة الملك سعود ألمس الحاجة لذلك، حتى يتعرف الطالب على مبدأ الحسبة في الإسلام، وكيف يمكن أن يقوم بهذا الدور بأسلوب جميل ومحبب للنفس، بدلا من أساليب قد تسهم سلبا بدلا من التأثير الإيجابي». ويدعو العيد إلى إيجاد مقررات توضع ضمن مقررات الإعداد العام، في الجامعات السعودية، أو على الأقل تكون مواضيع مختارة بعناية، وتركز على الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، لتتحقق منها الفائدة المرجوة. وحول وجود طلاب يمارسون مبدأ الاحتساب أوضح أن الجامعة تتبنى برامج متعددة من أهمها دعوة الطلاب الجالسين في الممرات والقاعات لكي يشهدوا الصلاة مع زملائهم في مصليات الكليات: «لدينا في كلية التربية شعبة خاصة بذلك، تمارس دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويجد الطلاب المنضمون لهذه المجموعة، تفاعلا واضحا من زملائهم المقصرين، ولكن من خلال نظرتي أستطيع القول إنه مع كفاءتهم فإنهم بحاجة لكي يتعلموا أكثر ويدركوا بعضا من الأساليب الفنية، والسلوكية والتي تجعلهم قادرين على إقناع زملائهم بأقصر الطرق وأقل الجهود». الهيئة مستفيدة وحول حاجة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لوجود هذه المقررات وإتاحة الفرصة لمنسوبيها من أجل المشاركة فيها، أوضح العيد أن «منسوبي الهيئات لديهم بجامعة أم القرى معهد دراسات عليا، يختص بدراسة الدبلومات العالية، يسمى المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسهم بشكل مباشر في تطوير كوادر الهيئة فيما أعلم، وللهيئة توجها عاما لتطوير العاملين في هذا الحقل، وبحكم إشرافي على كرسي الملك عبدالله للحسبة أستطيع أن أؤكد أن المركز وبالتعاون مع الهيئة لديهم برامج مشتركة من أجل الرقي بالعاملين في هذا القطاع، وهناك دورات تدريبية تقام بين فينة وأخرى بالتعاون مع كرسي الملك عبدالله للحسبة». وأبان العيد بأن «هناك مقررات تتناول جانب الحسبة، وفقه الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك في المعهد آنف الذكر، لكن المطلوب هو تصدير هذه المقررات إلى الجامعات المختلفة، أو على الأقل يتبنى مشروع كما أسلفت، بأن تدرج مواضيع مختارة في هذا الجانب ويتم حقنها في المقررات لتؤدي الهدف المطلوب منها»، مشددا على أنه لا يوجد إنسان مسلم لا يحتاج إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه يواجه مواقف يكون فيها إما آمرا أو ناهيا، وهي شعيرة دينية مطالب تماما بالقيام بها، وكل حسب استطاعته وإمكانياته وقدراته. وحول وجود لجان تقوم بالعمل الاحتسابي داخل أروقة جامعة الملك سعود: «الجامعة اليوم أطلقت برنامجا يهتم بتوعية طلاب الجامعة بأضرار التدخين، أسمته ب (جامعة بلا تدخين) وهو عمل احتسابي بلا شك وإن اختلف الاسم، واليوم يعتبر طلاب الجامعة كلهم أفراد حسبة، ويقومون بدور الحسبة في جو مليء بالوعي والإدراك بما هو مطلوب منهم، دون التأثير سلبا على زملائهم الآخرين، وكما قلت سابقا إن هناك لجانا خاصة أيضا لحث الطلاب من أجل المحافظة على الصلاة، والواجبات الدينية المختلفة». تعميم على جميع المراحل ومن جانب آخر، يؤيد عضو جمعية الفقة السعودية الدكتور صالح العصيمي، قيام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدعم مقرر دراسي سواء في مراحل التعليم العام أو في مراحل التعليم العليا، معتبرا إياها فكرة ستسهم بشكل كبير في تحسين الصورة التي شوهها الإعلام عن دور الهيئات الإيجابي: «أنا مع إطلاق مقرر دراسي يتناول أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفقه الحسبة، وثقافة الاحتساب، في جميع أمور الحياة، وتعريف الأبناء بقضايا قد تكون خافية عليهم، بأن يحتسبوا في بر والديهم، وفي مساعدة الضعفاء والفقراء، فكل هذا من الاحتساب، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بدور بارز ولكن في جوانب معينة، بينما أدعو في هذا المقرر بأن يكون العمل في جميع الجوانب، وربط الاحتساب بالعمل التطوعي، والذي يسهم في نهضة الأمم والشعوب، وكثير من الدول نهضت بسبب تكاتف مواطنيها وتطوعهم في العمل من أجل رفعة بلادهم»، ويضيف: «ربما نرى ذلك واضحا عند الشعب الياباني، مع أنهم لا يبتغون في ذلك أجرا، لا دنيوي ولا أخروي، ولو احتسبنا في ذلك سنحصل على الجزاء الأخروي». ويتابع العصيمي: «وجود مقررات أو معاهد متخصصة في عمل الحسبة، سيجعل هذا المجال ثريا، وسيجعله من أكثر المجالات ثراء من ناحية التطوير والتحديث، لأنه يتعلق بعمل تطوعي، وستسهم هذه البحوث في تطوير المجتمع بأكلمه، فضلا عن المعنيين بهذا الإجراء، وهم رجال الهيئة، الذين يقومون بدور بارز ومشكور، ومن وجهة نظري بأن قيام الرئاسة العامة للهيئات بخطوات عملية نحو تطبيق هذه المقترحات لتكون واقعية هو أمر إيجابي، وسيعود عليها بالنفع الكبير، ويجعلها أكثر قوة وصلابة في مواجهة الانتقادات وتجاوز الإخفاقات التي قد تحصل لها، وبظني أن إيجاد معهد أو قسم يختص ببحوث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سيحدث طفرة في هذا الجانب، وسيحل العديد من الإشكاليات والأخطاء التي يقع فيها منسوبو الهيئات، وهي أخطاء يحجمها الإعلام، ولكن نأمل مع وجود مثل هذه المراكز البحثية في اختفاء أو اضمحلال هذه التجاوزات، التي تكون طبيعية في الغالب»