من الصعب ألا نلحظ في الآونةِ الأخيرة اهتمام وانبهار الجيل الجديد بالحضارة والثقافة اليابانية، فالأنظار تتجه أخيرا إلى اليابان أكثر من أي رقعة أُخرى، فهي الأرض العريقة وموطن الأساطير التي باتت فجأة من صلب اهتمامات الشباب السعودي، إلى درجة أن اللغة اليابانية أضحت خيارا مطروحا للتعلم، وأصبحت اليابان وجهة سياحية يسعى لزيارتها الكثيرون من الشباب والشابات الشغوفين بكل ما يمت لليابان بصلة. الأزياء اليابانية، المسلسلات الدرامية، أفلام الكارتون، اللغة اليابانية، طرق تصفيف الشعر وصور الممثلين والممثلات اليابانيات التي يُدرجها الشباب والشابات كصورِ رمزية على الإنترنت. كلها أمور تدعو لأن نقف مليا تجاه هذا الاهتمام المفاجئ والحاد بحضارة يمتدُ عُمرها لقرون طويلة لم يهتم بها أحد منا إلا أخيرا. بعد عرض برنامج خواطر للإعلامي الشاب أحمد الشقيري في شهر رمضان الكريم، ازداد فضول الشباب وشغفهم لمعرفة ما تُخبئه هذه البلاد، لكن لماذا اليابان بالذات؟! وما هو سر سحرها الذي بات أخاذا قي عيون شبابنا وشاباتنا؟! أهي خفايا هذه الحضارة وحكايتها وأساطيرها أم اهتمام سطحي بجزء لا يشبه أي جزء آخر من العالم حتى في ملامحه؟! اليابان ليست بلاد الأنيمي والمانجا فقط، هي بلاد جذورها ضاربة في التاريخ، إمبراطورية عريقة سقطت بحرب دموية لطخت الإنسانية باشتعال هيروشيما وناجازاكي في عام 1945، هي بلاد تستحق أن نطلع على ما تخبئه لنتعلم من تاريخها ونجاري حاضرها طامحين أن يكون لنا مستقبل «عبقري» كمستقبلها. ولا ضير في الواقع من أن نهتم بثقافات الشعوب الأُخرى، فاطلاعنا على الثقافات الأخرى هو بوابتنا الوحيدة لعالم أكثر تسامحا وسلاما وإنتاجا وتطورا وحرية، لكن المُهم في الأمر هو ألا نتعاطى مع ذلك بسطحية كما يُلحظ على أغلبية المهتمين من الشباب والشابات. المُهم هو أن نتعامل مع ثقافة الآخر وحضارته وتاريخه بعمق وجدية بعيدا عن سفاسف الأمور.