لا شك أن صحافتنا قدمت أدوارا اجتماعية مميزة، وكانت شريكا مهما في دفع عجلة التنمية. تتنافس صحفنا بشكل محموم للحصول على ثقة القارئ؛ ما جعلها تطور من نفسها بين الفينة والأخرى، لكنها لا تزال تقف حائرة أمام صفحاتها الأخيرة، بعضها استطاع أن يجدد ويطور كل شيء عدا الصفحة الأخيرة التي تمنح بعض الأحيان لمسؤول في الجريدة يمرر من خلالها علاقاته الاجتماعية لتختص فقط بنشر أخبار الناس الذين ينتفع بعلاقته معهم. لدى أغلبية صحفنا تتشابه الصفحات الأخيرة بشكل يدعو إلى الاستغراب، إذ إن جميعها موسومة بكاريكاتير في الأعلى وبما تبثه وكالات الأنباء من أخبار خفيفة أو غرائبية. والشيء الذي يبدو غريبا هو إصرار بعض الصحف على وضع صورة لامرأة جميلة، وغالبا ما تكون من نجمات هوليوود: صورة ملونة وتحتل مساحة ليست هينة من مساحة الصفحة الأخيرة لامرأة لا تملك من مؤهلات نشر الخبر سوى انها أنثى جميلة. هي موضة قديمة كانت تحتال فيها الصحف العربية على القارئ الذي لم يكن يملك من وسائل الإعلام سوى قناة رسمية أو اثنتين، ولكن مع هذا الجيل الجارف من القنوات وانطلاق الإنترنت أصبحت صورة المرأة الجميلة مادة صحفية تعبر عن الإفلاس، ومساهمة عن غير قصد بتسطيح فكر القارئ. والشيء المخجل حقا أنه حتى في عز أيامنا المقدسة كأيام الحج ورمضان تجد الإصرار على فرد صورة لنجمة هوليوودية في الصفحة الأخيرة، مع أنه حتى وكالات الأنباء الأجنبية تبث أجمل الصور المعبرة لحاج يحمل أمه فوق ظهره أو صورة خلابة أخرى تعبر عن روحانية شريعتنا وهويتنا الدينية. صحيح أن الصحافة أصبحت صحافة صورة، لكنها ليست تلك السطحية لامرأة، بل صورة حدث بشكل لافت ونادر. على الصحف أن تعي أن الكثير من القراء في عصر الكم الهائل من تدفق المعلومات تجاوز أفق الكثير من الصحفيين أنفسهم! نتمنى وضعا أفضل للصفحة الأخيرة في بعض صحفنا المحلية مع خالص أمنياتنا لبعضها الآخر بالتخلص من أن تكون غرفة ضيافة لبعض قيادي الصحف.