ما هو شعورك تجاه عامل من نفس جنسيتك يصطف في طوابير العمالة وينتظر فرصة عمل مثلهم؟ هل ستتحيز له؟ وهل تقبل ان تصطحبه ليدخل اكثر الاماكن خصوصية في منزلك؟ محرر «شمس» تقمص شخصية سباك سعودي قليل الخبرة، ليسجل ردود افعال الناس تجاه سعودة هذه المهنة: حتى برودة الطقس، لم تخفف من سخونة المنافسة التي وجدتها في شارع العمال. يعرفون بعضهم جيدا، وكنت انا الغريب الوحيد الذي حاولوا ان يزيحوه من المكان. جمال، عامل بنجالي، لم يخف علامات الدهشة وهو يطالع ادوات السباكة في يدي ويستمع الى لكنتي المحلية. لم يتردد في السؤال: «انتا في سعودي؟». حين تأكد بدأ في محاولات مستميتة لإثنائي عن الفكرة: «هذا شغل تعب كتير. لازم شوف شغل تاني. كمان فلوس شويه». انتقل بعدها الى عدد من العمالة وبدؤوا في حديث لم يخل من اشارات بأياديهم ناحيتي. طال انتظاري قبل ان يصل الزبون الاول. رجل مسن برفقة سائق من جنسية هندية. اسرعت اليه: «سم يا عم». بدأ العمال في التوافد، ازاحوني بالقوة من امام نافذة السيارة التي يطل منها المسن. أبعدهم ليسألني: «انت سعودي؟». رددت بالايجاب، فأجابني: «الله يصلحك ورا ما تدور لك شغلة ازين». اختار احد العمال البنجال وانطلق بعيدا. اقترب جمال مني: «شوف، حتى سعودي ما يبغى انتا، لازم دور شغل تاني.» بعد قليل حضر زبون اخر. شاب في الثلاثينيات. سألته ان كان يحتاج الى سباك، اجابني: «انت سعودي؟». قلت له نعم. سألني: «ايش يعرفك بالسباكة؟ عندك شهادة؟». اخبرته ان بقية العمال لا يملكون أي شهادة مثلي تماما. قال لي: «معليش اخوي بس عندي شغلة في حمام غرفة النوم. وما ينفع تجي معاي». مرت ساعتان قبل ان يصل الفرج. حضر شاب بسيارة فارهة الى الموقع، شعرت بأن حظي معه سيكون كسابقيه. مع ذلك زاحمت العمال امام نافذة سيارته: «هلا يا ولد العم. تبي سباك؟». بدت على ملامحه علامات الدهشة: «اهلين. انت سباك»، قالها مبتسما. هززت رأسي لأؤكد له انني كذلك. قال لي: «تعرف والا نص نص». اكدت له انني سباك متمكن، قال لي اصعد، لم اتخيل ان يوافق، في السيارة ظل يسألني عن سبب توجهي الى هذا العمل، اخبرته انني اهوى السباكة، وابحث عن عمل اقضي به على فراغ البطالة، بدأ يشجعني، في هذه الاثناء كنت ادعو ان تكون المهمة سهلة، والا تكون من النوع الذي يضطرني الى ادخال يدي في اماكن قذرة، وصلنا، ادخلني الى احد حمامات الفيلا التي كانت خالية تماما، وطلب مني ان اصلح انبوبا كانت تتسرب منه المياه. تنفست الصعداء، كانت مهمة تافهة لا تحتاج اكثر من احكام غلق المحبس، خرج لأبدأ العمل الذي لم يستغرق اكثر من خمس دقائق. اخبرته بأنني انتهيت، وعلى الفور اخرج من جيبه 50 ريالا: «تكفي ولا ازيدك؟»، قلت له: «بالعكس كثير». فأخذ في الضحك، أضاف 20 ريالا: «هذي حق الليموزين، ما اقدر ارجعك»، شكرته وعدت الى الصحيفة، بمهمة منجزة و50 ريالا .