لا أظن أن أحدكم قد نجا من أسئلة الأطفال الكثيرة والغريبة والمحرجة من قائمة: لماذا السماء زرقاء، وكيف امتلأ البحر بالماء، ومن أين تأتي بالفلوس يا بابا؟ التي قد تجد لبعضها إجابات مناسبة لولا أن المصيبة هي أن يأتي ابنك ببراءة أو بخبث ليسألك: كيف ولدت يا بابا؟ فتتظاهر بأن عاهة الصمم قد أصابتك في تلك اللحظات! ومع إلحاحه العجيب، ستجيبه بالإجابة التقليدية القديمة «من بطن ماما»، وبما أن هذه الإجابة قد أكل عليها الدهر وشرب وما عادت تنطلي عليه فإنه سيباغتك بمزيد من الخبث: «وما الذي أدخلني لبطن ماما يا بابا؟ فتجيبه وأنت تسأل الله أن يخلصك مما أنت فيه «هي إرادة الله»! فتأتيك صاعقة أخرى: «ولماذا خرجت من بطن ماما ولم أخرج من بطنك أنت»؟ وعندها سوف تتناول أقرب شيء منك مما ثقل وزنه وخف سعره لتصوبه إليه بدقة بالغة! أذكر أن صاحبي الذي يتضجر كثيرا من أسئلة ابنه التي لا تنتهي، قد اهتدى أخيرا إلى طريقة جعلت ابنه يكف عن إلقاء المزيد منها، إذ كان يأمره بحل فروضه المدرسية كلما سوّلت له نفسه طرح المزيد منها! الأطفال ليسوا من الغباء بالدرجة التي تجعلهم يغفلون عن تهربنا من الإجابات، ولتجنب مثل هذا النوع من الإحراج تقول المتخصصة في علم نفس وتربية الطفل الدكتورة كوليت بريتشي: «لا تجعل طفلك يشعر بأنه أخطأ حينما سأل، أو أن أسئلته غبية، فوعيه الحقيقي يتفتح من خلال هذه الأسئلة. لا تكذب أمام سؤال محرج أو مخجل أو تتجاهل الإجابة. حاول أن تجد صيغة واضحة بين قول الحقيقة وبين تغليفها بإجابات تناسب سنه». لذا أرجو منكم أعزائي القراء ألا تضطروا للكذب للتهرب من الإجابات المناسبة، فقد روي أن ابنا من النوع الذي يسأل 300 سؤال في الدقيقة، سأل والده عن كيفية وجوده فأجابه الأب متنصلا بأنه وضع قطعة من السكر تحت السجاد وعندما أفاق ظهر له ولد جميل. حاول الابن تجريبها، وعندما أفاق وجدا حشرة كبيرة فقال لها: لولا أنك ابنتي لقتلتك!!