في معظم الدول الأوروبية الاتجاه الآن إلى منع الحجاب للمرأة في الجامعات وفي بعض الأماكن العامة، وفي بريطانيا وكما أوردت «شمس» قبل أيام هناك اتجاه إلى منع الحجاب في الأسواق العامة، ومنع المحجبات من دخول المحال التجارية. ولست هنا لمناقشة أبعاد مثل هذه القرارات، أو حتى مناقشة تناقض الأوروبيين في ادعائهم حرية الأديان، أو الحريات الشخصية.. ولكني أتطرق إلى ردود أفعالنا، ورفضنا القاطع لمثل هذه التوجهات دون أن نعتبر أن هناك شعوبا أخرى في العالم لها خصوصيات، ولها طبيعة حياة، تفصلها حسب ثقافاتها الاجتماعية وموروثها الحياتي.. هم أحرار في اتخاذ الأسلوب الأمثل لحياتهم، مثلما نحن أيضا أحرار في اتخاذ ما نراه في شوارعنا وأحيائنا وأسواقنا.. ألسنا نفرض عليهم عدم لبس القصير في الأسواق والأماكن العامة، وذلك متاح لهم في بلادهم؟ ألا نمنعهم من الأكل والشرب في الأماكن العامة في نهار رمضان، ونمنعهم من تناول الخمور، ولحم الخنزير، وذلك مسموح به في بلادهم؟ ألا نمنع نساءهم من قيادة السيارة، وذلك مسموح به في بلادهم؟ نتضايق من معاملات الحصول على التأشيرات من بلدانهم، بينما لا نقف على معاناتهم في الحصول على التأشيرات في الدخول إلى بلادنا؟ نضج، دوما من تعاملهم القضائي والجنائي لطلابنا ومن يتواجدون على أراضيهم، بينما تتراكم ملفات حقوق اللاعبين والمدربين الأجانب الذين عملوا لدينا في مكاتب الاتحاد الدولي لكرة القدم.. ما أود الوصول إليه أننا بحاجة ماسة وعاجلة إلى أن نحكم العقل بدل العاطفة، والمنطق بدل الفرضية.. وأن نكون أكثر وعيا بحقوقنا وحقوق الآخرين من شعوب العالم، وفق ثقافات كل أمة لا وفق ثقافتنا التي نريد أن يتبعنا العالم في تطبيقها.. نعتز بديننا وبثقافتنا وبعاداتنا، وهذا من حقنا، بل إن العالم أيضا، وأشير هنا إلى الغالبية منه، يحترمون ذلك أيضا، وبالتالي علينا أيضا أن نحترم ثقافات شعوب الأرض، وحقهم في تعاطيها كما يريدون، حتى وإن لم نكن على قناعة بها..