جاءت زيارة التفتيش حقيقية ومفاجئة هذه المرة، من دون أي استعداد مسبق أو تخطيط معد سلفا، فلم يتمكن أحد من معرفة موعدها أو توقعها، جاءت لتكتشف خفايا وعيوبا وتوضح هدراً طائلا للأموال العامة، وتكشف هشاشة مشاريع قائمة. إنها جولة تفتيش المطر، فتلك القطرات المائية المتساقطة من السماء جاءت لتقلب الأمور رأسا على عقب، وكان هذا التفتيش المائي خير برهان، فسرعان ما توالت الأحداث وبدأ فورا إطلاق التصريحات والبيانات، والغريب أين كان ديوان المراقبة العامة من هذا كله؟ لماذا الآن بدأ يتحرك ويفاجئنا كل يوم بإعلانه عن مشاريع متأخرة ومشاريع متعثرة ومشاريع لم تنفذ، وكل منها قيمته بمليارات الريالات. هل كان ديوان المراقبة بانتظار هذه الأحداث ليعلن عن دوره؟ ألم يكن يفترض أن دوره وقائي وكاشف لكل ما يحدث؟ ألم يكن يراقب جميع هذه المشاريع ويتأكد من جودتها واكتمالها؟ لماذا نتحرك بمبدأ ردة الفعل ونسارع الآن في إطلاق البيانات والإعلان عن المشاريع المتأخرة؟ فهذا التسارع يدعو إلى القلق والحيرة، وهل هو في محله أم أنها ردة فعل متسرعة لتغطية وطمس معالم السابق؟ إن ما حدث قد حدث ولا يجب أن يكون تحركنا ردة فعل له ومحاولة استعجال لدرء المواقف وإظهار البطولات، نحتاج إلى وقفة للنظر في مثل هذه الإجراءات والآليات، ووضع أطر ومحددات جديدة وفعالة تفاديا لتكرار ما سبق مستقبلا، هذا هو المطلوب فعلا من دون تصدر عناوين الصحف بالاكتشافات المثيرة والإعلانات البراقة للمشاريع المتأخرة والمتعثرة، يجب ألا يكون المستقبل تكرارا لما سبق، وألا يكون الحاضر الغائب بطلا لرواية التفتيش المفاجئ القادم.