يسكننا الحرص، ويغلفنا القلق على مستقبل أجيالنا، فنحكم عليهم القيد دونما قصد، ونكبل خطواتهم، ظنا منا أننا سنحصل على استمتاع أكبر بكبوات أقل، وهزائم أكثر شرفا. إن مجتمعنا يواجه مأزقين حقيقيين، أحدهما الأبواب المغلقة التي تتوالى الضربات عليها.. وسائل اتصال وسماوات مفتوحة وعولمة وطوفان تغيير لا يدع لنا فرصة لنلتقط أنفاسنا! بينما نظل نعاني ثقافة تقليدية تتساقط علينا من حين إلى آخر، ثقافة متوجسة، قلقة ترفض التغيير، أو في أحسن الأحوال تأخذ وقتها في تقبله ودمجه في منظومتها! لذا جرت العادة، بأن تأخذ كثير من الأسر بالحل الأسهل، وهو منع أبنائها والتشديد عليهم، فنغلق بقوة كل الأبواب المؤدية إلى خارج الحدود التي وضعناها سواء كانت نتاج أعراف أو عادات اجتماعية موروثة، نصت على تأثيم ما يسكن خارجا عموما، واعتمدت الخطر المطلق في كل ما يتجول بالشوارع المحيطة بأبنيتنا. مع أن التصرف الصحي وذا النتائج المثمرة والطويلة المدى يقضي بتيسير كل هذه الوسائل بأيدي الأبناء مع توفير الأمان النفسي والملاحظة اليقظة الواعية غير المقيدة والنقاش المستمر معهم وزرع العين الساهرة بداخلهم.. وسلطة الباب المفتوح على مصراعيه، مأزق آخر، فيسمح القائمون على هذه السلطة بمرور الغرباء، ويستقبلون الأفكار كالهدايا حتى تلك التي ليس لها مناسبة، ويفرحون بكل ما لمع مظهره، ومُنع تداوله. فإيمانهم بما يأتي من خنادق المختلفين أكبر من قناعتهم بما تثمره نخيلهم. ويعتمدون نظرية العبثية وهذا ما يجعل خلطتهم الحياتية غير آمنة، وغير صالحة، فهم لا يملكون مفاتيح، وغالبا لا يجيدون صنع الأبواب. حقيقة لا شيء يوازي المواربة، تظل بها الأنوار متسربة إلى الداخل، وتتمكن قناعاتنا من مواجهة أي عواصف قد تصفق بجدران تربيتنا. بمواربة الأبواب تخفت حدة التعلق بالمجهول، وتهدأ طواحين الركض خلف البعيد المتوهج بالاختلاف، وتستقيم النفوس، وتموت المعضلات النفسية الناتجة عن فيروس الكبت والمنع. وحتما برؤية الآخر سنتقبل وجود المخطئين، ونفرح بصوابهم، ونؤمن أن كل ذهاب لابد له من إياب.