أعلن الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام نية الوزارة تخصيص جائزة باسم “معرض الرياض الدولي للكتاب” تمنح بدءا من الدورة المقبلة لأفضل ناشر وأفضل كتاب، وتخصيص جانب من إنتاج مطبعة صحيفة أم القرى التي تعد المطبعة الأحدث في السعودية لإصدار سلسلة تعنى بتراث الثقافة في الوطن, تحت عنوان “ذاكرة الثقافة في المملكة العربية السعودية”، سيكون أول إصداراتها قريبا، حتى تتيح للأجيال الشابة الاطلاع على ما أبدعه أدباء ومثقفو الرعيل الأول في بلادنا من إنتاج أدبي وفكري أثرى ثقافتنا ووعينا. جاء ذلك في كلمته خلال لقائه المثقفين والمثقفات في حوار مفتوح مساء أمس بمعرض الرياض الدولي للكتاب، أكد خلاله أن الكلمة أساس الحضارة، وهي العتبة التي تمهد للثقافة والاجتماع البشري, وقال: “حين نستحضر معا جلال الكلمة وشرفها فإننا نعني بذلك ثقل المسؤولية الملقاة على أصحابها ومبلغيها من الأدباء والمثقفين والإعلاميين، فهي مسؤولية وأمانة ورسالة”. وأشار خوجة إلى سعادة جميع المثقفين والأدباء والإعلاميين بالكلمة السامية التي تفضل بإلقائها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى التي وضعت معالم المنهج, حينما أهابت بأبناء الوطن الغالي أن يدركوا جلال الكلمة وخطرها، مستشهدا بما قاله الملك: “الكلمة أشبه بحد السيف بل أشد وقعا منه” وأهاب بالجميع “أن يدركوا ذلك, فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات والغمز واللمز وإطلاق الاتهامات جزافا، كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا”. وحول القيمة الثقافية لمعرض الكتاب وأمثاله من المعارض، أشار خوجة إلى أنها تكون مادة طريفة للدرس والتحليل وقياس اتجاهات الرأي والنظر، في الصحف والجامعات ومراكز البحث وقياس اتجاهات الرأي العام, وقال: “ذلك كله ذو صلة وثيقة بما تعرفه مراكز البحث المتقدم بسوسيولوجيا الكتاب وصناعته, وما يتصل بها من قضايا بالغة الأهمية, أرجو لها وأنا في حضرة أهل الثقافة من المثقفين والمثقفات وأساتذة الجامعات أن ترصد هذه الثقافة الجديدة على مجتمعنا في أطروحات علمية مختلفة”. وطرح وزير الثقافة والإعلام خططا أولية للاستئناس بالنقاش حولها وتقويمها وتصحيحها, وقال: “مرت الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة بموجات مختلفة في القوة والتأثير, وساعدت ظروف كثيرة على نماء تلك الثقافة في بيئتها المتعددة, وتأثرت بحركات التجديد الديني, وحركات الاستقلال الوطني ومناهضة الاستعمار, وكان للاقتصاد والسياسة والتعليم أثر في تشكيل تيارات فكرية وفنية وثقافية متخاصمة أو متصالحة, ولكنها في كل أحوالها رسمت ملامح ثقافتنا الحديثة بتبايناتها المتعددة”. وأضاف: “صار بمقدور المتتبع لخريطة الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة رصد موجات متتالية لثقافة هذه المنطقة من العالم, وهي ثقافة أسهم كل بلد عربي بقدر ما في تكوينها وتشكيلها ولكنها لم تتخلص من التباينات الإيديولوجية والنزعات السياسية والتمركز الثقافي الذي نجد آثارا منه فيما اصطلحت عليه تيارات الفكر العربي الحديث بثنائية المركز والأطراف, وهي ثنائية ظالمة لا شك في ذلك وتنافي الحقيقة والتاريخ لأنها تخضع العمل الثقافي للمرجعيات السياسية ذات الطبيعة الإيديولوجية الخالصة”. ورصد خوجة حركة الثقافة في السعودية منذ نشأتها, وأشار إلى أنها ثقافة تنتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية, وتتصل في مختلف أطوارها ومراحلها بتلك الثقافة تأثرا وتأثيرا, واستجاب الخطاب الثقافي لأدبائها ومثقفيها لما يعصف به العالم من حولنا من أفكار وتيارات, وقال: إن ما جدّ على بلادنا من تحولات في السياسة والاقتصاد, كل ذلك بين فيما يأخذ به خطابنا الثقافي ويشتغل عليه, لكن المتابع لحركة الثقافة في السعودية يدرك خصيصة واضحة فيها وهي أنها ثقافة شابة ناهضة متوثبة, وأنها, لو تأملنا ذلك عميقا, ثقافة حوارية, وحين أقول حوارية لا يعني أن أقطابها متفقون فيما يأخذون به من شؤون الثقافة والأدب والفكر, ولكنني ألمح إلى أن تلك الخصومة وذلك الجدل العاصف اللذين يلفان ساحتنا الثقافية ما كان لهما أن يظهرا على السطح لولا الإحساس الذي يشعر به كل المشتغلين بالثقافة بأهمية الحوار وأثره في صناعة ثقافة وطنية جادة. ولفت الى أن أبرز ما يجلي الثقافة في السعودية هو أنها ثقافة تقوم على مبدأ الحوار, وظهر تأثرها أخيرا بدعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار الوطني، مشيرا إلى أن الثقافة بصفتها نشاطا مجتمعيا يستمد نماءه وغناه من الأسس التي قام عليها المجتمع في تاريخه الطويل. ولم يفت الوزير في ختام كلمته أن يبارك للروائي عبده خال حصوله على جائزة “البوكر العربية” في الرواية لهذا العام، ثم تفاعل مع مداخلات الحضور إجابة وتوضيحا في مجمل قضايا الثقافة والأدب والهموم التي تشغل المثقف السعودي، وبسؤاله عن الموعد المقرر لانتخابات مجالس الأندية الأدبية، أجاب بأن من المبكر اتخاذ قرار بهذا الشأن، وفي مداخلة نسائية، طالبت إحدى الحاضرات بضرورة إشراك النساء في المناصب الرسمية بالوزارة، أجاب بأن المعيار في تعيين الكوادر هو كفاءة الشخص بغض النظر عن جنسه، وتطرق إلى الفصل بين الثقافة والإعلام في الوزارة، مشيرا إلى طموحه الشخصي كمثقف في أن تصبح للثقافة مؤسسة مستقلة أسوة بما سيطبق على الإذاعة والتلفزيون، لأن دمج الثقافة مع أي قطاع آخر سيأتي على حسابها، وعن إمكانية أن تحتل المرأة منصب رئيس التحرير، قال: إن المجال متاح أمام أي امرأة لتكون في أي موقع، ولا يوجد ما يمنعها من ذلك مطلقا.