أزاحت الرياض أمس رسميا الستار عن النسخة الجديدة لمعرض الكتاب الدولي، برعاية مباركة من خادم الحرمين الشريفين، وإشراف مباشر من الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، وذلك بحضور لفيف من المسؤولين والأدباء والمثقفين. وفيما استبشر الحضور خيرا بالفعاليات التي ستعرض للمرة الأولى في المعرض، حسم وزير الثقافة والإعلام الجدل فيما وراء الكواليس بالتأكيد على أن المعرض فرصة في سبيل وجود ثقافة أكثر وعيا بالاختلاف والتنوع، ومكرسا لحوار مجتمعي بناء. ودعا الدكتور خوجة في مستهل كلمة الافتتاح إلى اكتشاف أهمية الحدث الثقافي، الذي يعد فرصة غنية لعقد صداقة مع الكتاب، راجيا أن يستفيد الجميع من المعرض وبرامجه الثقافية. مراسم الافتتاح بدأت المناسبة الثقافية ذات الزخم الواسع في المشهد المحلي، بحفل افتتاح بهيج في قاعة لبست أسلوبا أصيلا تبدو من خلاله الحروف العربية والمحبرة كرمز للكتاب بوصفه وعاء التراث والمعرفة، تحدث في بدايته الدكتور عبدالله الجاسر مقدما نبذة مختصرة عن البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، والذي يتضمن لقاء مفتوحا يقام للمرة الأولى مع الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة بجانب ندوات وورش عمل تتعلق بثقافة الحوار وترسيخ الاعتدال. تطوير صناعة النشر وقدمت الكاتبة شريفة الشملان كلمة أهل الثقافة متناولة أهمية المعرض في النهوض بالثقافة السعودية، مطالبة بتطوير صناعة النشر في السعودية وتسويق الكتاب السعودي. ونادت بتشجيع الترجمة، مشيرة إلى الارتباط الوثيق بين الثقافة والتعليم، وإلى أهمية تسهيل اقتناء الكتب الأدبية والتراثية لتستفيد منها الأجيال. ضيف الشرف وقد حضرت جمهورية السنغال التي جاءت ممثلة لجانب مهم من الثقافة الإفريقية في حفل الافتتاح من خلال فيلم وثائقي يتناول معلومات عنها. وقدم محمد بوصولي وزير الثقافة السنغالي تحياته وشكره إلى خادم الحرمين الشريفين معبرا عن اعتزازه البالغ باختيار بلاده كضيفة شرف لمعرض الرياض، معربا عن تقديره للأصالة والضيافة التي لمسها في السعودية، طارحا في كلمته لمحات من التراث الغني الذي تتمتع به السنغال، واحترامها العميق للكتاب كقيمة ثقافية ولغوية، يتصدرها القرآن الكريم بوصفه الكتاب الأعظم على الإطلاق، وفي محور آخر تطرق إلى المؤلفات التي قدمها علماء سنغاليون باللغة العربية، والتي أسهمت في صنع تواصل ثقافي ومعرفي داخل النطاق الإسلامي، محييا في هذا السياق مبادرة وزارة الثقافة والإعلام بترجمة بعض الأعمال السنغالية الأدبية إلى اللغة العربية لتعبر عن الإبداع المعاصر في بلاده وتكون في متناول المتلقي السعودي. وأشار الوزير إلى أسماء سنغالية قدمت أدبا إفريقيا خالصا للعالم، كما تناول حرص رئيس السنغال عبدالله واد على دعم الثقافة، وهو التوجه الذي تمثل بإنشاء صندوق نشر ينتج ما يقارب مئتي كتاب سنويا، خاتما بسعادته بالفرصة التي يرى أن المعرض يقدمها للثقافة في بلاده من خلال تبادل الخبرات والرؤى مع المثقفين السعوديين، لاسيما أن هذه المشاركة تأتي ضمن التعاون الأخوي بين البلدين في شتى المجالات وتكريسا لجهدهما المشترك في خدمة السلام والعدالة في العالم، وهو التوجه الذي يتبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فضفضة الشعر وقد كان للشعر حضوره من خلال الأديبة اعتدال الذكرالله، وذلك عبر قصيدة حضر فيها الفكر في ظل الإبداع وحضر الوطن بأبهى صور الولاء وأعلى مراتب الإخلاص. تكريم الرواد واستعرض الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام في كلمته تعريفات للثقافة، وإشارة للأسماء التاريخية على مستوى الأدب والفكر عبر نماذج خالدة ترسخت في الذاكرة العربية. وتطرق الوزير الشاعر للكتب بوصفها كائنات إنسانية وتراثا حضاريا تماما كما أن الإنسان أصبح يمثل كائنا ثقافيا، وقال “حين يحضر الكتاب فإن قرونا من الصلة به تظهر على الحضارة الإنسانية، ويعد الكتاب المظهر الأبرز في الثقافة العربية، الكتب كالناس، أصناف ودرجات، جد وهزل، شراسة ورزانة، تختلف عن الناس إلى حد كبير لكنها تتميز عنهم باصطفافها إلى جانب بعضها بعضا بتسامح وارتباط”. وأعلن الدكتور خوجة عن تكريم المعرض في نسخته لهذا العام لعدد من رواد الصالونات الأدبية في السعودية، وهم جعفر الشايب، وراشد المبارك، وسارة الخثلان، وعبدالمقصود خوجة، وعدنان العفالق، وسلطانة السديري، معربا عن شكره لعدد من الجهات الرسمية والخاصة التي أسهمت في إنجاح العناصر التنظيمية للمعرض على مختلف مجالاتها، كما قدم تحية خاصة تقديرا للدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية سابقا، على ما بذله من جهود نوعية خلال السنوات الماضية أوصلت هذا المعرض إلى قمة الأحداث الثقافية المهمة في السعودية والوطن العربي. وأشاد الدكتور خوجة بنماذج الأدب السنغالي التي ستلتقي بالمثقفين السعوديين، حيث كرم في مراسم التكريم وزير الثقافة السنغالي، بالإضافة إلى الدكتور عبدالعزيز السبيل المشرف العام على معرض الكتاب خلال السنوات الماضية، والمكرمين من رواد الصالونات الأدبية والذين ألقى عبدالمقصود خوجة كلمة بالنيابة عنهم شكر فيها وزارة الثقافة والإعلام.