لم يقتصر دور المحاورة على كونها أحد الألوان الشعرية التي تحظى بقبول واهتمام في الوسط الشعبي فحسب، بل تعدى الأمر وأصبحت بابا يطرقه الشباب للقضاء على البطالة التي يعيشونها حتى تتيسر أمور الوظيفة، وبعضهم يقتحم صفوف المحاورة من أجل تحسين دخله ومردوده الوظيفي، وبحسب ما رصدته “شمس” فإن هؤلاء الشباب الذين يقفون في تلك الصفوف ويصفقون بحماسة تتراوح مستوياتهم التعليمية بين (الكفاءة) و(البكالوريوس).. “شمس” سلطت الضوء على الوجه الآخر للمحاورة، وفتشت عن الأسماء التي تقف في الصفوف والدافع الرئيسي لوجودهم، ورصدت ذلك في التقرير الآتي.. نعطي الشاب (200) ريال في البداية أوضح مشعل الجعيد (مدرب صف الجعدة) في محافظة الطائف ويعمل (معلما) أنه مدرب ومنسق لصف خاص به من صفوف المحاورة، وذلك بدافع الوراثة والعشق لهذا اللون الشعبي، مشيرا إلى أنهم يحضرون إلى حفلات المحاورة بمقابل مادي وقال: “إذا وجدت المكافأة فإن هذا الأمر يسهم في إنجاح الحفلة، ولو نظرنا إلى الحفلات التي لا توجد فيها صفوف محترفة تكون في غالب الأمر فاشلة”. مضيفا أن “أسعار حضور الصف للحفلة بمقابل 200 ريال للشخص الواحد، وتزيد بزيادة المسافة التي تقع فيها الحفلة” وتصل إلى 1200 ريال إذا كان الحفل في أحدى دول الخليج. وذكر الجعيد أنهم حريصون على وجود جميع أعضاء الصف المحترفين، إلا أنه يستبعد العنصر الذي يحدث خللا في مستوى الصف، مضيفا أن قائد الصف يجب أن يتحلى بالصفات القيادية. وأكد الجعيد أن من بين أعضاء الصف من يحملون شهادات فوق الثانوية، ويعيشون شبح البطالة، إلا أن المكافأة التي يحصلون عليها تسهم في سد احتياجاتهم. وقال: “في الأصل المبالغ التي تؤخذ من أصحاب الحفلات تكون زهيدة جدا، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع، فاتجاه الطالب الجامعي لها من أجل سد احتياجه اليومي والبطاله تلعب دورا كبيرا في ذلك”. في صفوفنا جامعيون وذكر عبدالرحمن السفياني مدرب صف في المنطقة الغربية يطلق على صفه اسم (الشامخ) أنه كمدرب وقائد للصف يشدد على أن يكون عناصر مجموعته يتمتعون بالأخلاق الحميدة، ويكون بينهم حسن التعامل في جميع الظروف، وأن يبتعدوا عن العنصرية القبلية، مضيفا أنه يعمل على توجيه أعضاء الصف المخفقين، ولا يتم استبعادهم عن الحفل إلا بعد أن تسدى له التوجيهات ولا ينفذوها، وأوضح أن جميع من في صف المحاورة الخاص به تتراوح مؤهلاتهم العلمية بين طلاب المرحلة الثانوية والجامعية، وعاطلين وموظفين في مختلف القطاعات الحكومية، وأوضح أن انطلاقتهم كانت هواية تحولت خلال أعوام إلى احتراف. الأخلاق أهم شيء ومن جهته، شدد نادر العضيلة على أن صف المحاورة مزيج بين محترفين وهواة يتم انتقالهم بعد التزامهم بضوابط الصف، موضحا أن سلطته على الصف تكون بالتنسيق والتوجيه السليم داخل ميادين المحاورة، ويستبعد أي فرد من الفريق حالة عدم التزامه بالأخلاق أو صدور تصرفات لا تليق بهم أو بالمنظمين لهذه الحفلات، وبين العضيلة أن صفوف المحاورة مؤهلاتهم العلمية غير متكافئة. المواعيد مهمة وذكر نياف العطاوي أحد أقدم مدربي صفوف المحاورة في الخليج أن صفوف المحاورة عبارة عن عناصر مميزة هاوية للموروث الشعبي، يتم اختيارهم وفقا لضوابط معينة، منها احترام المواعيد والتحلي بالأخلاق الحميدة، وقال: “تعد صفوف المحاورة العمود الفقري في الحفلات التي يقيمها المنظمون وتفشل الحفلات في حالة وجود عناصر غير مدربة”. وأكد ساعد باخت الثبيتي (مدرب صف الثبتة) في الطائف أنه أصبح مدربا للصف عن طريق الوراثة، بعد أن كان شقيقه الأكبر يقوم بالدور نفسه، وأكد أنه يستبعد أفراد الصف الذين يتخلفون أو يتأخرون عن حضور الحفلة في مواعيدها المحددة،وذكر أن مستوياتهم العلمية تتراوح من المرحلة الثانوية وحتى الدراسات العليا، ومن بينهم موظفون في القطاع الصحي وأخصائيون وعسكريون، وهذا الأمر احترافي ويتطلب تفرغا في الوقت الحالي.