بداية أود أن أهنئ الأشقاء الجزائريين بتأهل منتخب بلادهم إلى كأس العالم لكرة القدم بجنوب إفريقيا, التي سنكون معهم فيها بقلوبنا ودعواتنا، لتقديم عرض ونتائج مشرفة, كون هذا التجمع العالمي له تأثيره في سمعة الدول والشعوب. لكن ما لفت نظر الكثيرين هو لجوء بعض لاعبي منتخب الجزائر للتحدث بالفرنسية في مقابلاتهم مع الفضائيات العربية! أقل ما يقال عن هذا التصرف: إنه فقدان للهوية, فاللغة هي منبع الهوية لأي شعب وفخر لأبنائها. عدا عن أن هذا الهجر والنكران للغة الضاد والتحدث بلغة من استعمر الجزائر 120 سنة, امتص خلالها خيرات هذا البلد وأباد نحو مليون من الجزائريين, بينما يلوك الفرنسيون ألسنتهم بالحديث عن المدنية والحرية ومبادئ الثورة الفرنسية القائمة على العدل والمساواة والحرية. تلك المبادئ للتطبيق على الفرنسيين فقط وليست صالحة لتطبق على الجزائريين أو السوريين أو اللبنانيين أيام الاستعمار، ولا حتى لتطبق على الشعوب الإفريقية المحتلة من قبل فرنسا. إذن ما الداعي لكل هذا التفرنج؟ أم هو انبهار المغلوب بالغالب كما قال ابن خلدون! وعليه لن ينال أولئك اللاعبون أو من سلك سلوكهم رضا أو احترام الفرنسيين, لأنه من لا يحترم نفسه وهويته فلا ينتظر من الآخرين احترامه. إن الجزائر بلد الصمود والتضحيات حري بأن يولي مسألة اللغة العربية الاهتمام الكبير، وهو الشعب العربي الذي قاوم الاحتلال الفرنسي وانتصر عليه ونال استقلاله, إلا أن الاستعمار الثقافي ظل يكافح حركة التعريب الحكومية من خلال رابطة الدول الناطقة بالفرنسية (الفرانكفونية)، التي ترصد الجوائز لمن يؤلف ويكتب بالفرنسية روايات وكتبا ثقافية, ما جعل كثيرين من كتاب المغرب العربي يكتبون بالفرنسية طلبا لتلك الجوائز ومخاطبة للجمهور الفرنسي, وطمعا في الوصول من ثم إلى العالمية وإلى جوائز نوبل وغيرها. وإذا كان ذلك خدمة للثقافة العربية ولنقل الصورة الحضارية للإسلام وللشعوب العربية المسلمة إلى نظرائها الغربيين، فلم لا, وأيضا لفائدة الأقليات المغاربية في أوروبا، فذلك أمر محمود، أما الكتابة والتحدث بالفرنسية لمجرد التبعية والتقليد، فذلك تضييع للهوية. وفق الله منتخب الجزائر ونحن معه نهتف ونشجع.. ولكن بالعربي.