جميع المعطيات التي أفرزتها، الأزمات والانتصارات والنكسات، أثبتت أن علاقة جماهير الشمس بناديها تجاوزت مدلولات المؤازرة والتشيع، إلى حالة من التعلق والحب الجارف، وهذه الحالة يكاد يكون نادي النصر هو المتفرد بها من بين أندية الوطن، وأرجو ألا يتوقع من لا يعرف واقع النصر أن صورة هذه الحالة زاهية بكل تفاصيلها، فلهذه الصورة البهية وجه آخر.. الوجه الآخر للصورة هو التكلفة المرتفعة لهذا الحب التي لا يعرفها إلا القريبون من النصر، أو من عملوا به، فهذه الجماهير العاشقة لها مزاج حاد، بل إنه في بعض الأحيان يتحول إلى مزاج شرس قد يضرب في أعماق العمل.. لا يجرؤ أحد على لوم جماهير الشمس، فقد نزفت هذه الجماهير من الوفاء والصبر ما لا يمكن الإحاطة به، ولكن عدم التنبيه لخطورة إطلاق عواطف هذا المدرج بلا ضابط قد يدفع النصر ثمنه سنوات من الضياع الآخر.. قبيل مباراة الاتحاد التي جرت مساء الأحد، كان لديسلفا مدرب النصر مدائح مطولة في مواقع النصر الإلكترونية، وبعد المباراة بساعة تحول في نظر عاطفة مدرج الشمس إلى (سباك)، وهذا التمرحل بين النقيضين طال الكثير من اللاعبين، بل إنه في بعض جزئياته وصل إلى رئيس النادي.. مشكلة الحب أنه لا يعترف بالعقلانية، ولا يتعامل مع المنطق، بل هو أشبه بالسيل الجارف الذي يهدم كل ما يعترض مساره، وعلى إدارة النصر أن تتعامل مع هذا القدر الجميل كما هو، وأن تسعى بصورة دائمة بمصارحة هذا المدرج الهادر بحقيقة أن النصر لا يزال يحتاج إلى الكثير حتى يعود، ويشترك في المسؤولية التنويرية كتاب النصر، لما لهم من دور في صياغة توجهات مدرج الشمس.. النصر خرج من دائرة الشك الفني إلى واقعه كفريق له شخصيته داخل الملعب، ولكنه بحاجة إلى مواصلة العمل الذي بدأته إدارته في تجديد الفريق، فإلقاء نظرة عابرة على بنك الاحتياط في الفريق الأول يدل على أن مشوار العودة لمنصات الذهب لا يزال بعيدا، وهذا المشوار يحتاج إلى قرارات شجاعة وحكيمة في الإزاحة والإحلال بقائمة اللاعبين.. في الموسم القادم، سيصعد من درجة الشباب عشرة لاعبين، وجميعهم لعبوا في المنتخبات السعودية للشباب، وهم بحاجة إلى التخطيط الواعي في استيعابهم ليكونوا قدوة دافعة للفريق حتى لو تم الاستغناء عن بعض من استقطب هذا الموسم، خصوصا أن العدد المسموح به في قائمة الفريق الأول قد يتقلص إلى 30 لاعبا.. قد يعترض البعض، ويقول إن إدارة النصر، حاولت السيطرة على فورة آمال جماهير الشمس، وعدم السماح لها بالانفلات نحو السقف الأعلى، استنادا إلى تصريح سمو الرئيس حول نسبة ال20 في المئة، وهذا الاعتراض صحيح إلى حد ما، ولكنه عند التطبيق يفقد بعضا من دلالاته، فالعمل على ما يمكن تسميته بالمرحلة الثانية من تجديد النصر، لا يزال غير واضح المعالم، ولعل قراءة أسماء بنك الاحتياط في الفريق الأول، وإلقاء نظرة على نتائج درجة الشباب المتردية، يشير إلى أن مشوار العودة للمنصات لا يزال طويلا، وأنه يحتاج إلى مرحلة ثانية من العمل الجاد، مع شيء من الصبر من جماهير الشمس.