من الصعب أن تمتلك قريةً على أرضِ الواقع ولو كنت تملك المال، ومن الصعب أيضا أن تغتال شخصا على أرضِ الواقع؛ فالعقوبات ستطاردك وستنال منك العدالة، أما أن تمتلك عصابة وتقضي أيامك بالتخطيط للجرائمِ دون قلق من إلقاء قبض السلطاتِ عليك فهو في حد ذاته أمر ممتع للبعض. ترافيان، القاتل المأجور، حرب العصابات العربية وغيرها من الألعاب التي انتشرت على خادمات (سيرفرات) الشبكة العنكبوتية وأصبحت تجارة تحتضن ملايين الريالات يدفعها اللاعب بقصد زيادة المتعة، فالعالم الافتراضي جعل من السهل تحقيق الأحلام، فلعبة ترافيان الشهيرة مثلا استطاعت تحقيق حلم أكثر من مليون لاعب بامتلاكهم قرى وأراضي وإن كانت على أرضِ الخيال، فمجرد أن تحلم بالثراء والجاه للحظات؛ فذاك أمر قد يدخل السرور إلى قلبك لبقية الأسبوع؛ فما هو حال من امتلك فعليا قرية وإن كانت على سيرفرات الشبكةِ العنكبوتية. هذه اللعبة أدمنها الكبار قبل الصغار، وأصبحوا يدفعون آلاف الريالات من أجل الحصول على حقنة من نشوة الحلم. فترى ذلك الطالب يقتصد من مصروفه من أجل شراء (ذهب ترافيان) لتطوير القرية، والموظف ينتظر راتبه من أجل ذلك أيضا، فعملية الدفع لا تحتاج إلى جهد فبرسالة جوال تحصل على الذهب. ولكن تمضي الأيام تلو الأيام تلو الأشهر ويبدأ اللاعب بالاستيقاظ من نشوة الحلم، فبعضهم سعيد من تجربته والآخر يتحسر على ما دفعه من أجل حلم. وسرعان ما يعود اللاعب لأرض الأحلام مجددا، ويلدغ من جحر شركات الألعاب، فتعود للمرة الثانية سلسلة نهب الأموال بطريقة شرعية. تساءلت عن السبب الذي يجعل الجميع يدفع الآلاف من أجل حلم لربما استطاع تحقيقه بادخار ما يدفعه في الحلم، فلم أجد سوى سببين: أولهما زيادة دخل الأسر وهو الخيار الذي استبعدته. أما الثاني وهو الأرجح فهو تأثير الأدرينالين على قدرتنا على تمييز الصواب من الخطأ.