حتى وقت قريب قبل كارثة سيول جدة المؤلمة، كنا نقرأ عبر الصحف عن الشركة الفلانية ومسؤوليتها الاجتماعية الرائعة، وعن تلك المطاعم الفلانية وخدماتها للشباب، والعمل على تطويرهم وصقل مواهبهم، وعن هذا المركز الطبي ودوره في خدمة المجتمع.. وكنا نشعر بغبطة وسرور لهذا التواصل الاجتماعي. لكن بعد الكارثة لم نعد نسمع صوتا لتلك الجهات في الاضطلاع بمسؤوليتها الحقيقية التي يجب أن تتجلى وتظهر في مثل هذه المواقف. علما أن هناك شركات وأفرادا شاركوا بهمة في مساعدة المتضررين من الكارثة، ولله الحمد، استشعارا لمسؤوليتهم الاجتماعية. وحديثي هنا ينصب على بعض الشركات والبنوك الكبرى والمراكز الطبية والمستشفيات الفاخرة ورجال الأعمال الذين يطربون مسامعنا بين الفينة والأخرى بخدماتهم الاجتماعية.. وأقول لهم: إنه في هذا الوقت يجب أن يبرز دورهم الحقيقي في مسؤوليتهم الاجتماعية.. في هذا الوقت يجب أن تظهر دراساتهم وهمتهم ونشاطهم المكثف، حتى وإن كان المتضررون لقوا رعاية واهتماما. إن المسؤولية الاجتماعية ليست وجها من وجوه (البرستيج) وليست أسلوبا من أساليب التسويق غير المباشر، سواء للمنتج الملموس أو الرصيد المعنوي، وليست نشاطات تهدف إلى الشهرة الإعلامية، بل هي الشعور الحقيقي بالمجتمع الذي نعيش فيه ومعرفة ما يتطلبه وما يحتاج إليه من خدمات حقيقية. ونرى أن هناك بعض أقسام المسؤولية الاجتماعية في الشركات والبنوك لا تلبي حقيقة الحاجات الاجتماعية الملحة والضرورية في المجتمع، ولا تعمل وفق منهج علمي مخطط له ومدروس. مع أن هناك دراسة خاصة تسمى (إدارة الأزمات) وهي دراسة مستفيضة تعمل على تكوين فريق عمل متكامل يخطط وينفذ بشكل متسارع محتو للأزمة الاجتماعية الحاصلة، ويقوم بعمل تقييم ناتج عملي يومي بشكل احترافي دقيق. نأمل من أقسام المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات الخاصة أن يكون لها دور أكبر في مساعدة المتضررين من كارثة سيول جدة.