أزاحت الميزانية العامة للسعودية للعام المالي الجديد 1432 / 1431ه نظيرتها للعام الجاري عن موقعها التاريخي بعد تحقيقها لقفزة كبيرة من خلال الزيادة عليها بمقدار 14 في المئة وإجمالي مالي بلغ 540 مليار ريال ما يجعلها أكبر ميزانيات الدولة في تاريخها، وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إن هذه الميزانية، كسابقاتها، أكدت النظرة المتوازنة بين القطاعات، والتنمية المتوازنة بين المناطق، مشيرا إلى أنها تُولي أهمية للنظرة المستقبلية لتوازن المالية الحكومية واستقرارها بما يسهم في دفع عجلة التنمية الشاملة في وطننا الغالي. وقال خادم الحرمين لدى إقرار مجلس الوزراء، أمس، للميزانية:” رُوعي في إعدادها حاجات اقتصادنا الوطني مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية، حيث حرصنا على أن تكون هذه الميزانية استمرارا لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي أدت إلى انخفاض أسعار البترول وكميات تصديره، وذلك بمواصلة توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب الأكثر دعما للنمو الاقتصادي وللتنمية وتعزيز جاذبية اقتصادنا الوطني للاستثمار، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين من خلال التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية”. وأضاف الملك عبد الله: نؤكد التنفيذ الدقيق والمخلص لبرامج ومشاريع الميزانية، وعلى الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية المتابعة الدقيقة لما يُنفذ، دون أي تقصير أو تهاون والاستشعار الدائم للمسؤولية والأمانة التي تحمّلوها أمام الله ثم أمامنا، وعلى الأجهزة الرقابية القيام بدورها على أكمل وجه ورفع التقارير إلينا أولا بأول”. وقد أوضح عبدالعزيز داغستاني رئيس دار الدراسات الاقتصادية أنه عطفا على ما تحقق فعلا من إيرادات عامة خلال العام المالي 1430 – 1431ه، التي زادت بنسبة 23 في المئة عن المقدر في الميزانية، فإن تقدير وزارة المالية لوجود عجز في الميزانية الجديدة للعام المالي الجديد 1432ه هو نوع من التحوط أو التحفظ الذي تنتهجه وزارة المالية، وذلك وفق السعر الذي تقدره الوزارة لبرميل البترول في المتوسط خلال العام المالي، مشيرا إلى أن الوزارة تتحفظ في تقديرها في الغالب على الرغم من أن المؤشرات تميل إلى توقع أن يكون سعر برميل البترول خلال عام 2010 المقبل يتراوح بين 70 – 80 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد، وهو ما يعد سعرا عادلا، وفق تصريحات مسؤولين في منظمة الأوبك، وهي الحريصة على خلق التوازن في السوق العالمية والوصول إلى سعر عادل والميل الواضح في الميزانية الجديدة إلى زيادة الإنفاق الحكومي ينعكس في تعزيز الإنفاق مع قطاع التعليم الذي استحوذ على 25 في المئة من النفقات العامة، في إشارة واضحة إلى الاهتمام بالعنصر البشري كأساس للتنمية الاقتصادية، وهو ما دعمه الإنفاق الكبير على قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية الذي خصص له 61.2 مليار ريال سعودي. وما يعزز بناء الإنسان السعودي هو دعم البنية التحتية الأساسية التي سيتعامل معها هذا الإنسان، وهذا واضح في زيادة الإنفاق على قطاعات الخدمات البلدية والمياه والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى وقطاع النقل والاتصالات”. من جانب آخر أوضح ناصر القرعاوي المحلل الاقتصادي أن الميزانية تركزت في مسارات التنمية على ثلاثة محاور أساسية هي استمرار برنامج الإصلاح الاقتصادي للبنية التحتية والكتل الاقتصادية التي توزعت على خريطة السعودية من أجل إيجاد اقتصادي متوازن تنموي بين المناطق يحقق في مجمله تنمية مستدامة للسعودية في المرحلة المقبلة. وأكد المحلل الاقتصادي أن أهم ما تقدمه الميزانية من رسالة هو دور القطاع الخاص في الالتزام والشراكة الحقيقية فيما يستوجب عليه من ترجمة عملية بشفافية واضحة وتوطين هذه الأرقام الإنتاجية أعلى ومواكبة تطور السوق في المنطقة.