تنطلق، مساء اليوم، في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض فعاليات مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام تحت عنوان (الأدب السعودي: قضايا وتيارات)، ويشارك فيه أكثر من 500 أديب وأديبة من مختلف مناطق السعودية؛ لمناقشة 49 بحثا أدبيا ونقديا تقدّم بها الباحثون والأكاديميون والأدباء وتطرقوا فيها إلى جملة من المحاور التي تتصل بالأدب السعودي وإشكالياته. ومن المقرر أن يتضمن المؤتمر، الذي يستمر أربعة أيام، 16 جلسة عمل تتوزع على فترتين “صباحية ومسائية” يتم خلالها مناقشة المحاور والبحوث، على أن تختمها أمسية شعرية يحييها عدد من الشعراء والشاعرات من أجيال مختلفة تحت عنوان (الوطن في عيون الشعراء)، إضافة إلى تكريم عدد من رواد الأدب السعودي الذين رفدوا الحركة الثقافية والأدبية طوال مسيرتهم، كما يشتمل المؤتمر على معرض للكتاب تتولى فيه الأندية الأدبية عرض إصداراتها. تعليم عالٍ.. أمْ أدب؟ وفي خضم الجدل الواسع الذي أثاره المؤتمر قبل انعقاده، تباينت آراء الأدباء السعوديين حول أهدافه وأهميته وجدواه، ولا سيما أن هذا المؤتمر بنسخته الثالثة، دارت حوله كثير من التساؤلات والانتقادات التي طالت آلية توزيع الدعوات على الأدباء، والمحاور التقليدية، والعدد الكبير للبحوث المطروحة قياسا إلى أيام المؤتمر وعدد جلساته. ويسجل الأديب حامد بن عقيل، ناقد وشاعر، اعتراضه مبدئيا على تسمية المؤتمر نفسه، بقوله: “لا أدري كيف يمكننا تسميته بمؤتمر الأدباء؟ فمن خلال نظرة سريعة على اللجان المنظمة ستكتشف أن معظمهم إن لم يكونوا جميعا من حملة الدكتوراه.. فالأولى إذن أن نبحث عن تسمية تتعلق بالتعليم العالي لا بالأدب والأدباء!”. ويدافع الدكتور عبدالله الحيدري، رئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر، عن أهمية هذا الحدث الكبير من خلال استقراء النتائج والتوصيات الفعلية والمنفذة في المؤتمر الأول، قائلا: “المؤتمر له جذور تاريخية، وكان لتوصياته دور في نشأة الأندية الأدبية، التي بلغت 16 ناديا حتى الآن، مثلما كان للمؤتمر الثاني دور في جمع الأدباء وتحاورهم”. وينفي الحيدري ميل المؤتمر الثالث إلى الاستعراض والتكريم الرمزي فهو ملتقى لإثراء البحث في الأدب السعودي وخدمته بأوراق عمل جادة محكمة، وهو فرصة لطباعة الإصدارات المهمة التي تؤرخ للحركة الأدبية في السعودية وترصد تحولاتها. في كوكب المريخ فيما اعتبر بعض الأدباء أن المبالغة في عدد البحوث ستؤدي إلى تشتت المشاركين والحاضرين وتفتيت جهودهم، ويصر الدكتور عبدالله الحيدري، رئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر، على أنها “فرصة تتيح للجمهور والمشاركين انتقاء جلساتهم المفضلة وحضورها وفق اهتماماتهم، كما أن هذه البحوث ستتم طباعتها وتوفيرها للقراء والمهتمين الراغبين بالاطلاع عليها”. ولا تبدو هذه الفكرة مقنعة لبعض الأدباء، فطباعة البحوث والكتب لا تتطلب مؤتمرا ولا حدثا رفيعا بهذا المستوى، وابن عقيل يرى أن الأمر يخضع لاعتبارات شكلية، بقوله: “من الناحية النظرية يبدو من السهل مناقشة عدد أكبر من البحوث المطروحة ما دام الهدف الرئيس هو إصدارها وتغليفها في كتب للتغني بإنجازات المؤتمر طيلة الأشهر المقبلة”. ولا تتوقف الانتقادات عند عدد البحوث، بل تمتد إلى المحاور التي ارتكزت عليها، فهي كما يقول ابن عقيل: “تحاول أن تقول كل شيء في فترة محدودة جدا، فهي أشبه بعناوين عريضة إلى درجة يصعب فهم المراد منها حقيقة، وإن كان تقويمها بصورة موضوعية يتطلب وقفة أطول”. وحول آلية توزيع الدعوات، يقول الحيدري: “إن الوزارة أوكلت الأمر إلى الأندية الأدبية التي يفترض أن تكون ترشيحاتها شاملة ووافية حتى للمناطق التي حولها، فالنادي الأدبي بالرياض مثلا أرسل الدعوات إلى الأدباء في مدن خارج العاصمة كالمجمعة والدوادمي وشقراء والخرج”. لكن ابن عقيل الذي لا يعترض على الآلية نفسها، يعتبر أن عدد الدعوات نفسه لم يكن كافيا: “كما هو الحال في معارض الكتب والأحداث الثقافية الأخرى، يبقى أن عددا كبيرا من الأدباء، حتى أولئك الذين يقيمون في المدن الكبيرة سيضطرون إلى شراء الصحف ومتابعة أخبار المؤتمر وتأمل وجوه المشاركين فيه كأنهم يتابعون مؤتمرا يُعقد في كوكب المريخ!”. وإذا كان المؤتمر الأول أفضى إلى نتيجة ملموسة وعملية (تأسيس الأندية الأدبية)، فإن الآمال منعقدة على هذا المؤتمر بدورته الثالثة للخروج بتوصية لتأسيس اتحاد للكتاب والأدباء السعوديين.