عند الحديث عما أصاب إخواننا في مدينة جدة من مصيبة وكارثة، يجب أن نحمد الله على قضائه وقدره، وأن تسود حالتنا الرضا والتسليم، لكن أن تتبدل اللغة إلى لغة الاتهام والتفسيق فهو أمر لا يمكن قبوله من قبل أناس حاولوا أن يتسلقوا ويلووا أعناق ما حصل، أما رمي التهمة على أهل هذه المنطقة أو تلك، وأن ما حصل لهم هو بسبب ذنوبهم وأنهم وصلوا إلى مرحلة كبيرة من الانحطاط الأخلاقي وغيره من أحاديث لا تمت إلى الواقع بصلة، فما من إنسان إلا وهو معرض للذنب والتقصير، وبدلا من هذه اللغة الفجة، كان من الأولى أن تتجه للمساعدة ومحاولة تضميد جراح هؤلاء ومساعدتهم، والتخفيف عن مصابهم، فما حصل لهم لا شك أنهم يتحملون جزءا منه، لكن أن يلقى باللوم عليهم بشكل كامل، يدعو الجميع للتساؤل، ولكن علينا أن نسهم في تخفيف هذه المحنة، واتخاذ خطوات علاجية للحيلولة دون وقوعها، وتذكير هؤلاء المسؤولين الذين كان همهم جمع المال بأي طريقة كانت، بأن الله عز وجل مطلع على كل شيء، وأنه سبحانه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. لغة التشفي يجب أن تختفي أكد الدكتور ناصر الحنيني أنه يجب علينا الإيمان بالقضاء والقدر، وأن ندعو لإخواننا، ويجعل ما أصابهم تكفيرا ورفعة لدرجاتهم، وأن نعي تماما أن هناك علاقة بين ما حصل وفساد أهل جدة أو كونهم من أهل الذنوب والمعاصي، فهذا ليس بصحيح على إطلاقه، كما أنه ليس منفكا عنه بشكل كامل، ويجب علينا أن نتوب ونرجع إلى الله عز وجل، وأن نكون قريبين منه، سواء كنا في الرياض أو جدة أو مكة أو في أي مكان، هذا ملحظ مهم جدا ويجب التنبه له، وأما ما يقوم به بعض الناس من التشفي من أهل جدة الغالين والعزيزين على قلوبنا فهو أمر منكر ولا نقره، ولكن يجب أن نعرف الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة الإنسانية، فالظلم يعد عنصرا أساسيا لهذه الكارثة، وما وقع من فئة ممن كانت بأيديهم هذه المشاريع الضخمة، فهم قد ظلموا المجتمع بأسره، لاقترافهم الظلم والتعدي على الأموال العامة، وعدم وجود من يردعهم أو يثنيهم عن تحقق هذا الظلم بحق المجتمع، يعد مصيبة كبيرة، وذنبا عظيما، فالله عز وجل حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما، ويجب أن يتحمل هؤلاء الجزء الأكبر من المسؤولية، كما أن التفريط في الأمانة من قبل هؤلاء المسؤولين، وما حصل من التقصير من الموافقة على هذه المخططات العشوائية، وما قدمته الدولة من أموال لم تصرف في مكانها المفترض، ويجب أن تحمل المسؤولية لمسؤولي الأمانة الذين سمحوا بإقامة هذه المخططات ومحاسبتهم بكل قسوة وشدة، فكل هذه من المعاصي لله عز وجل وعدم اتقاء المسؤول لله تعالى، إذن ليس الأمر مقتصرا على أهل الأحياء التي تضررت، ونحن بحاجة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومتابعة صرف الأموال العامة التي يعلن عنها باستمرار في وسائل الإعلام، وأما أهل الأحياء التي تضررت، واتهام الناس بأنهم فسقة أو أهل فجور وغيره، ليس هذا وقته ولا يجوز أن يتشفى منهم، فالأصل الصلاح في المسلم، فهم بحاجة إلى العون والدعم والمساعدة والمساندة، بدلا من كيل أنواع السباب والشتائم على هؤلاء المساكين، ولكن المسؤولية مشتركة، وكل يتحمل جزءا منها، لكن الجزء الأكبر كما قلت يقع على المسؤولين عن هذه الكارثة فهم المعنيون الأساسيون، ويجب علينا أن نعلن التوبة إلى الله عز وجل، نحن جميعا، وأن يقر هؤلاء الذين ساهموا بظلمهم بلا شك، وتفريطهم أيضا في حصول هذه المصيبة، والله المستعان. ليست بسبب ذنوب أهل جدة من جهته يرى الداعية محمد السلطان عضو الدعوة سابقا أن المواطن معني بالدرجة الأولى بحصول هذه الكارثة، من خلال سكوته عن حقه وعدم مطالبته بمحاسبة هؤلاء المسؤولين الذين سيحاسبون، بإذن الله، بعد صدور قرار الملك، حفظه الله، فيجب أن يكون المواطن هو العين الأولى في المحاسبة، فالسكوت عن حقك ذنب تستحق العقوبة عليه، ويجب علينا كمجتمع أن نكون قادرين على أخذ حقوقنا كاملة، فوجود مشاريع منذ أكثر من 20 عاما يدعو للتساؤل، وأين المواطن أولا كل هذه المدة، وأكد السلطان أنه مع هذا لا يمكن اعتبار هذه الكارثة أنها بسبب ذنوب المجتمع (الجداوي) واستغلال الحدث لتصفية الحسابات على خلفية وجود معاصٍ قد تكون ظاهرة في مدينة جدة أكثر من غيرها. لا يمكن تحميل المساكين أما ما يفعله بعض الجهلة من تحميل جملة من المساكين مسؤولية الكارثة، فهو أمر لا يمكن قبوله، وحمّل الشيخ السلطان أمانة مدينة جدة المسؤولية الأولى تجاه ما حدث، وقال: “التفريط في الأمانة من قبل الأمانة، ويا ليتها مثل اسمها، ويبدو أنها تحتاج إلى دروس في الأمانة، فمن خلال تفريط هؤلاء المسؤولين وقعت الكارثة”، وأضاف: “يجب أن نؤمن بأن المسؤولية مشتركة، لكن فئة دون فئة تتحمل جزءا أكبر، وهذا لا يعمينا عن أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن الله عز وجل أوقع هذا الأمر لحكمة أرادها”، وأوضح السلطان أنه بعيد عن فلسفة الآخرين من كونها إحدى الظواهر الطبيعية، نعم هي ظاهرة طبيعية لكن الله عز وجل هو الذي أوجدها، وقال سبحانه: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، كما أن ما أصابنا من مصيبة فبما كسبت أيدينا (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، ورفض الشيخ السلطان حالة التشفي من أهل جدة الذين وصفهم بالأعزاء على قلوبنا، وأنهم إخوة لنا، ويجب أن نواسيهم ونقف معهم وندافع عنهم ضد الظلم الذي وقع عليهم، وأما ما يروّجه البعض في مواقع الإنترنت من لغة يلحظ فيها تحميل مسؤولية الفرد الجداوي لهذه الكارثة دون غيره وأن ما أصابهم هو بسبب فجورهم، فهذا أمر مرفوض ولا يقره دين ولا عقل.