من التجارب الحزينة في هذا المجال ما ترويه أم عبدالإله، حيث تقول: إنها تزوجت من شاب قال أهلها إنه لطيف ورائع، ولكنها اكتشفت بعد فترة وجيزة من الزواج أنه مصاب بأمراض نفسية تتطلب إبقاءه في مصحة، وقد تعامل معها بعنف لفترة طويلة قبل أن تقرر مواجهته وأهله بحقيقة مرضه وضرورة الحصول على علاج. وفي تجربة مماثلة تقول نورة . س: إنها تزوجت من إنسان كان عاديا في الأشهر الأولى، ولكن بعد مرور سنة أصبح ذا مزاج حاد، وظنت أنها مرحلة طبيعية يشعر بها الأزواج بعد هذه الفترة من الزواج، لكن وضعه استمر في الانحدار، وقد عرفت فيما بعد أنه مصاب بعدة أمراض نفسية، وأنه يراجع بعض المصحات منذ زمن بعيد، ولكنه أخفى هذا عني عند زواجي منه واكتشفته بالصدفة. ويقول عبدالرزاق . م: إنه تزوج من فتاة قريبة له، وبعد مضي أسابيع قليلة صارحته بأنها تعاني مرضا نفسيا مزمنا، وأنه قد يواجه معها بعض الصعوبات، وأضاف: “تحملت الأمر لأكثر من سنة، ولكنني وجدت أن زواجي منها كان أحد العوامل التي أججت مرضها النفسي، ولو كنت أعلم بذلك لما تزوجتها حرصا على حياتي وحياتها”. وأضاف: “لو كان بالإمكان أن نعرض أنفسنا على مختص نفسي يساعدنا في التعرف على حياتنا قبل أن تتوثق العلاقة الزوجية بالأطفال مثلا، لكان ذلك مفيدا جدا”. ويرى ناصر السعد أن من يعيشون حياة زوجية هادئة قد ينظرون لهذا المطلب بعين الريبة، ولكن لو جربوا المعاناة التي يجدها المتزوجون بطرف مريض لكانوا من أوائل الدعاة إلى مثل هذه الفحوصات والدورات قبل الزواج، فالمرض النفسي لا يقل خطورة ولا أثرا عن المرض العضوي، بل قد يكون أشد تدميرا. ويؤكد أخصائيون ومستشارون نفسيون أن هناك جملة من المشاكل التي يعانيها الأزواج، من أمثلتها: الاكتئاب الشديد، وانفصام الشخصية، والرهاب، وهي أمراض شائعة وتلعب دورا مهما في استمرارية الزواج من عدمه، خصوصا وأن منها ما يصعب ملاحظته ومعرفته إلا بعد معاشرة طويلة، وذلك لأن أصحابها قد يتصرفون بصورة طبيعية وعادية جدا، مؤكدين أن مثل هذه الحالات يمكن علاجها من خلال الطبيب النفسي أو باستشارة المرشدين الاجتماعيين. من ناحية أخرى أيد عبدالعزيز الصانع أن إجراء الفحوصات التي من شأنها اكتشاف أي أمراض نفسية لا تقل أهمية عن إجراء الفحوصات الخاصة بالأمراض الوراثية والمعدية قبل الزواج خصوصا أن أي شخص لا يرغب أن تقع ابنته أو شقيقته او إحدى قريباته مع شخص مريض نفسيا أو مدمن على المخدرات، وأكد الصانع أنه لا يتوقع رفض المجتمع مثل هذا الإجراء بل سنجد أن جميع أولياء الأمور سيصبحون حريصين على كل ما يمكن أن يرتقي بالأسرة والأبناء، مطالبا بضرورة السؤال عن الشخص المتقدم للزواج بشكل دقيق لمعرفة سلوكياته والتأكد من خلوه من أمراض نفسية وعصبية قد تلقي بظلالها على الأسرة فيما بعد. ويرى مشاري الروقي أن الفحص الطبي قبل الزواج وحده غير كافٍ بل لابد من مزجه بالفحص الطبي النفسي، وذلك أن مهمته الوحيدة هي تحديد الوضع الصحي للمقبلين على الزواج، بينما الحالة النفسية التي قد تؤدي دورا مهما في حياتهم المستقبلية تبقى طي الكتمان خصوصا أن كثيرا من المقبلين على الزواج سواء من الرجال أو النساء لا يستثمرون فترة الخطوبة بالمصارحة التي قد تختصر عليهم الكثير من العناء في المستقبل ما يؤدي إلى هدم حياتهم الزوجية.