من يدفع للثاني ليستمر، ومن يدفع المنتج ليصنع عمل ما، علاقة تفاعلية، وأقصد ما يتعلق بالصناعة التلفزيونية، فمن حيث من يدفع للآخر، فبلا شك المشاهد هو في النهاية من يدفع المال من خلال شراء المنتج المعلن عنه أثناء ساعات البث، ولو لم يكن هناك معلن فلن تكون هناك قناة أصلا باستثناء الجهاز الإعلامي الحكومي، والمحور الآخر من يدفع المنتج ليختار تقديم عمل ما، بكل وضوح من دون وهم يتخيله المنتج بقوله هذا ما يريده الجمهور، فلو أن صاحب متجر أتى بما يطلبه الناس أو بما يعتقد أن الناس تطلبه فقط، وقع في منافسة مع متجر آخر يأتي بالجديد الذي يقتنع هو بجودته لاستطاع إقناع الزبائن بسهولة ليصبح مقصدهم لتلبية احتياجاتهم، على عكس الأول، كما ينتظرون منه الجديد شرط أن يكون المنتَج (بفتح التاء) مقنعا أساسا للوكيل الذي سيتصدر لوم المشاهد عاجلا أم آجلا، ويكسبه ثقتهم التي من الصعب الحصول عليها على عكس سهولة فقدها. الأمر الذي يقودني لرأي المشاهد الحقيقي ومن يؤثر في الآخر هل المشاهد هو من يدفع المنتج ليأتي له بما يستهويه، أم أن المنتج يأتي بما قد يجذب الجمهور ويرى أنهم فعلا يريدونه، إما لحاجة ترفيهية أو لحاجة ثقافية، أو تعليمية على اختلاف الاحتياجات. ومع أن الأمر قد يستحيل لجدلية تطول يبقى رأي المشاهد هو الأهم، رغم صعوبة قياس الأمر إلا أنه غير مستحيل، فالنظرية الإعلامية (رجع الصدى) تقلل من نسبة الدقة العالية في القياس دون أن تنفي الإمكانية، مما لا يعفي صناع المواد الإعلامية من محاولة سماع الرأي الواضح الصريح تجاه ما يقدمونه إن كانوا حريصين على الاستمرار وكسب ثقة المتلقي، فحقيقة صناعة الفنون على اختلافها تجعل المجال أشبه بالعجلة الدائرة بحركة سريعة والتي يصعب الولوج لها على عكس سهولة الخروج منها.