برغم أن الأمريكان يرون نتائج سياساتهم الخارجية المتخبطة، إلا أنهم لا يحسنون قراءة التاريخ. فهم يرون أن جلب رئيس لأفغانستان أنيق وبثقافة أمريكية حتى لو كان مجرد رجل أعمال يدير سلسلة مطاعم في أمريكا وهو حميد كرزاي من شأنه أن ينهي مشاكل أفغانستان ويشبع (الديمقراطية) فيها ويقضي على النزاع بين فصائل الحرب فيعم السلام؛ ما يكشف عن جهل وتجاهل فاضح لثقافة وديمغرافية وحضارة الشعوب. فضلا عن أنها تقوم بقتل أعداد كبيرة من الأفغان منهم نساء وأطفال في حربها ضد طالبان في استخدام أرعن للقوة وحدها في هذا البلد العصي على التطويع، وبسياسة القوة وليس بقوة السياسة، أما في العراق فالمشهد لا يحتاج إلى تعليق. وفي فلسطين السليبة، ترى مبعوثي البيت الأبيض تعلو وجوههم الابتسامات العريضة حين يلقون الصهاينة، غاضين الطرف عمدا عما يجري من أبشع احتلال عرفه العصر الحديث، لكن عندما يأتون إلى العرب تراهم صارمي الوجوه يطالبونهم بمد يد السلام للاحتلال. فهل جنت أمريكا نتاج سياساتها الخارجية أخيرا؟ هذه المرة أتى حادث إطلاق النار من قبل الميجور نضال حسن على عدد من الجنود الأمريكيين في قاعدة فورت هود الأمريكية قرب تكساس، وهو الأمريكي الجنسية ومحسوب على قواتها المسلحة، وكأنه تجسيد لهذه الحكمة العربية “يؤتى الحذر من مأمنه”؛ فهو أقدم على ذلك في آمن مكان وأبعده عن أي اعتداء محتمل. لكنه حسبما أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية كان واقعا تحت ضغط عزم الجيش على إرساله إلى العراق رغم عدم رغبته، وهذا بالطبع ليس تبريرا لما أقدم عليه نضال، لكنه أقوى الأسباب التي منها أيضا التمييز الذي يلقاه في عمله ومن جيرانه، ومرة أخرى قوى التطرف الرعناء التي ترى كل السبل مشروعة لمحاربة أمريكا والغرب حتى لو بمحاربة بلدانهم. وما إقدام شراذم المتسللين على انتهاك الحدود السعودية إلا دليل على ذلك، حتى لقوا ما لقوه من تصدي القوات السعودية لهم ودحرهم. حفظ الله بلد الحرمين وجميع بلاد المسلمين.