لم يعد الأمر مقتصرا على مقاضاة الآباء لأبنائهم كما هو مألوف في الوسط الاجتماعي المحلي، بل تجاوز ذلك إلى أن يسير في اتجاه معاكس؛ حيث رصد القضاء أخيرا الكثير من القضايا التي يقاضي فيها الأبناء آباءهم. ففي ظل قضايا العنف الأسري التي سجلتها الجهات الأمنية وأصدرت حيالها أحكاما شرعية مختلفة، أعاد الكثير من الأطفال المعذبين النظر مجددا في حماية حقوقهم من تسلط آبائهم لوقف مسلسل من العنف الأسري. وطالب عدد من المسؤولين والحقوقيين بسنّ قانون يضع حدا لظاهرة تعنيف الأبناء؛ الأمر الذي أخرج إلى السطح أطفالا يقاضون آباءهم وأملوا أن يحصل الأطفال المحرومون على كافة حقوقهم التي حرمهم آباؤهم منها، إضافة إلى ضرورة معاقبة الآباء الذين يمارسون العنف بكافة ألوانه، سواء كان نفسيا أو بدنيا أو اجتماعيا، على أن تضاعف القنوات الرسمية من مسؤوليتها كي يحصل هؤلاء الأطفال على حقوقهم عن طريق القضاء، على أن يتم ردع الآباء المتورطين في القضايا المختلفة الخاصة بحرمان أبنائهم؛ حيث تتوافر للأطفال دون أن يتم اللجوء إلى القضاء. ووفقا للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان فإن هنالك الكثير من القضايا التي سجلت وتم النظر فيها، وقال الدكتور مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إن هنالك قضايا عدة رصدتها الجمعية وتقدم بها أطفال ضد آبائهم تتعلق بحرمانهم من حقوقهم، وأشار إلى أن الشكاوى تمثلت في فئات عمرية مختلفة وتراوحت بين عشرة أعوام و18 عاما. نظرة إلى القضايا وأوضح القحطاني أن عددا من الشكاوى تتعلق بعدم توافر أوراق ثبوتية تتيح للأطفال حق التعليم والعلاج والتنقل وخلافها من الحقوق الواجبة على الأب، إضافة إلى قضايا عنف أسري، وأشار إلى أن هذه القضايا المختلفة تدرسها الجمعية وتقدم عملها فيما يتعلق بإلزام الأب بعدم تعنيف الأبناء وتوفير كافة حقوقهم وتتابع من ثم آلية التزام الأب بعد أن يتم عقد جلسات صلح من قبل الجمعية. الحق في المقاضاة وأشار القحطاني إلى أن هنالك عددا من القضايا تحال إلى الجهات المختصة كالمحاكم والشرط وإمارات المناطق والحماية الاجتماعية وهيئة التحقيق والادعاء العام، مؤكدا أنه: “للأسف فإن الكثير من الآباء يحرمون أطفالهم من حقوقهم وواجباتهم النظامية التي كفلها لهم الشرع، أو يمارسون ضدهم العنف البدني والنفسي معهم، وقد شهدت الكثير من المناطق حالات متعددة أخيرا في هذا الجانب”. وأضاف: “يحق للطفل أو الابن التقاضي ومحاكمة والده إذا لم يصل إلى حل من جهة وإذا تمادى الأب وأصر على حرمانه ومعاقبته وانتهت كافة الطرق والمحاولات المتعلقة بإيجاد حل يضمن تخليصه مما هو فيه وضمان حقه”. آباء مرضى وأشار إلى أنه بعد دراسة الحالة فإنه يتبين أن المتورطين فيها من الآباء عادة ما يكونون يعانون مشكلات انفصال أو مرضى نفسيين أو لديهم مشاكل سابقة أو أصحاب سلوكيات غير سوية. وعن إيجاد حل لتنامي الظاهرة أكد القحطاني أنه يجب أن يتشارك الجميع من خلال القنوات الرسمية لحل هذه الإشكاليات حتى لا تستفحل في المجتمع، مؤكدا أن التربية والتعليم والجهات ذات العلاقة لا بد أن تدرس الأمر لتضع حلولا مناسبة لذلك. مشيرا إلى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تضع مثل هذه القضايا ضمن أولوياتها لدراستها ومتابعتها وعقد لقاءات وندوات في هذا الجانب؛ حتى يتم التخلص من هذه الظاهرة وإيجاد طرق تكفل حقوق الأطفال الذين يعانون حرمانهم من حقوقهم أو تعريضهم لأذى وعنف.