أصبحت الرقية الشرعية وسيلة يلجأ إليها بعض المدعين من طالبي الثراء السريع مستغلين حاجات الناس، بل إن بعضهم تخصص في الرقية لرجال الأعمال والأثرياء لأنهم يدفعون أكثر من غير أسئلة كثيرة أو قليلة. إلا أن اللافت في الأمر زيادة عدد النساء اللاتي امتهن الرقية، فكثير من الرجال يذهبون بنسائهم إليهن دون خوف أو قلق من حوادث التحرش التي تصدر من بعضهم. نصب واحتيال حول أحد المباني اصطفت مجموعة من المراجعين بانتظار الدخول إلى (دار الرقية الشرعية) كما تشير إلى ذلك اللافتة المعلقة على باب إحدى الشقق السكنية. وبينما نحن في صالة الانتظار فإذا بالأصوات تتعالى من الداخل، فحسب الجميع أن أحد الموجودين قد بدأت تظهر عليه آثار القراءة، وأخذ جنه في التحرك والتململ، إلا أن المفاجأة التي ألجمتنا عندما خرج الرجل وهو يصيح “هذا دجل.. هذا نصب”. لحقنا بالرجل إلى سيارته وسألناه عن أسباب عراكه اللفظي مع الراقي فقال “حضرت إليه للمرة الأولى برفقة ابنتي فطلب مني فتح ملف ب60 ريالاً، ثم بعد القراءة عليها طلب 150 ريالا قيمة الزيت والعسل، وحين عدت إليه بعد أسبوعين طلب مني موظف الاستقبال 30 ريالاً رسوم كشف.. وهكذا تكرر الحال في كل مرة أجيء إليه..وعندما ناقشته حول الأمر رد قائلا إن لم يعجبني الأمر فسأبحث عن شيخ آخر..فطلبت استرداد ما دفعته فرفض ذلك”. الدخول بالمجان وفي حي آخر من أحياء جدة يقع مكتب (أم طارق) التي خصصت جزءا من منزلها لممارسة القراءة والعلاج بالرقية الشرعية حيث يزدحم المكان بسيارات “المراجعين” بعد صلاة العصر يوميا.. إلا أن حالها لم يختلف كثيرا عن صاحب (دار الرقية) حيث علق (ف. الغامدي) قائلا “الدخول بالمجان لكن المشكلة تكمن في قيمة الأدوية التي تصفها، فأقل فاتورة تخرج من تحت يدها لا تقل عن 600 ريال”. وأضاف “أحضرت زوجتي لهذه الراقية بعد أن نالت شهرة واسعة أملا في علاجها عندها بعد فشل الأطباء في ذلك”، مشيرا إلى أنه حضر بناء على نصيحة أحد الأصدقاء بحكم أنها حققت شهرة واسعة، ولكنه فوجئ بأن فواتير العلاج باهظة الثمن على الرغم من أنها لا تتجاوز قارورة زيت صغيرة وعلبة عسل وأعشابا لا تتجاوز الكيلو الواحد. خمسة نجوم واللافت في الأمر أن بعض الرقاة انقسموا إلى فئات وأعلاها فئة النجوم الخمسة، وهؤلاء خصصوا وقتهم ورقيتهم لرجال الأعمال والأثرياء على حد وصف أحدهم الذي رمز لاسمه ب ( أ . حامد) قائلا: “إن عملائي هم من فئة ال(VIP) فحين يتصل بي أحدهم أذهب إليه في منزله وأحضر معي الزيت والعسل وبعض الأعشاب.. لأنهم ببساطة شديدة يدفعون”. وأضاف أنه بدأ بالرقية في مسجد صغير، وحين ذاع صيته خصص يومين في منزله الملحق بالمسجد للقراءة على العامة، أما بقية أيام الأسبوع فيتنقل بين مدن المملكة لعلاج التجار وعائلاتهم وهو ما وفر له مستوى معيشيا مرتفعا فركب سيارة لم يكن يجرؤ أن يحلم بها. ورفض الاتهام الموجه إليه بالمتاجرة بالرقية قائلا إنها موهبة من الله وهي وظيفة يقتات منها وهو لا يستخدمها فيما يغضب الله. النصب ولا التحرش وفي ظل تنامي أعداد الرقاة في مدينة جدة فقد رأى بعضهم أن دخول النساء إلى هذا المجال خفف كثيرا من هواجس وقلق بعضهم من عرض نسائهم على الرقاة خوفا مما يتردد عن بعض التحرشات التي تحدث. وقال ناصر جمعان “سمعنا كثيرا عن مدعي رقية حاولوا الاحتكاك بالنسوة والتحرش بهن، كما أن بعضهم يطلبون من المرأة التستر لكنهم يضعون أيديهم على رأسها وهذا لا يجوز، وغيرها من الأمور السلبية التي تحدث، لهذا فأنا مستعد أن أدفع أي مبلغ تطلبه الراقية للقراءة على زوجتي”. أحد زوار تلك الدور قال إنه مضطر إلى طلب جلسة خاصة مع الراقي قيمتها 200 ريال مدتها ساعة لكي يرافق زوجته في ظل كثرة النساء اللاتي يراجعنه. استوقفا إحدى المارة قريبا من أحد دور الرقية فقال إن رقية المسلم لنفسه أفضل من الوقوع في شراك الدجالين والمدعين، مضيفا أنه اضطر في مرة أن يدخل على أحدهم فوجد عنده شابا يتلوى على الأرض في كل مرة يبدأ الراقي في التلاوة.. وبعد فترة وجدت الشخص نفسه في المكان نفسه فأيقنت أن الأمر لا يعدو استعراضا يقوم به المدعون لإثبات قدراتهم.