إنها الآن تمام الحادية عشرة مساء. الآن فقط يمكنني الانصراف بعد أن انتهى عملي. لكن لماذا لا أكون – كبقية خلق الله - مبتهجا بموعد الحرية؟ تك تك تك.. وئيدا يمضي الوقت، كئيبا أيضا. يتسلل الزملاء إلى الخارج. أراقبهم واحدا واحدا، وحين أكون المتبقي الوحيد، أجمع أغراضي، وأنطلق إلى بيتي. في الطريق.. لا أسمع شيئا من الضوضاء، لا أرى أيضا. أفكر فقط كيف انتهت بي الأيام هكذا: بائسا وحيدا. خطوات متثاقلة تنقلني إلى الشقة رقم 2، كمحكوم عليه بالإعدام يساق إلى حتفه. إنها الجدران نفسها، التفاصيل عينها. كل شيء على حاله كما تركته صباحا. ثيابي المبعثرة، كتبي، أوراقي، وجهاز الريموت. أتساءل كثيرا: هل تتحرك هذه الأشياء؟ هل تتحدث فيما بينها؟ هل تتآمر ضدي؟ ثم قبل أن أعود تغادر صخبها إلى حالة السكون الأولى؟ كل شيء يحرضني على الحزن.. وفي لحظات صفاء – لا أخفيكم - غالبا ما أبكي. وسادتي العزيزة، كنبتي المفضلة، صديقتاي الوحيدتان، سلواي في غربتي. أرجوكما: إذا ما افترقنا يوما، فاحتفظا بدفء دموعي. أوصدا على صوت نشيجي، لا تشمتا بي أحدا من الناس. تعرفان جيدا، كان يلتصق بكما رجل طيب، أحب الحياة يوما حين كان فيها ما يستحق، وتركها باختياره هو. سواكما.. لن يفعل أحد.. فتذكراني إن كنت أستحق.