حالات من الذهول والدهشة أصابت أهالي حي الششة بمكة المكرمة بعد أن كشفت عملية إصلاح السماعات العلوية لجامع (ابن عبيد) الكائن في نهاية الحي مع شارع الحج في رمضان الماضي، أنهم وطوال أكثر من عقدين من الزمان كانوا يؤدون صلواتهم في غير اتجاه الكعبة، ليهرعوا مستغيثين بفرع وزارة الشؤون الإسلامية لعله يجد تفسيرا لما يحدث، خصوصا أن الجامع شهد هدما كاملا وإعادة بناء قبل نحو 24 عاما لتصحيح اتجاه القبلة أيضا. دراسات هندسية جديدة فرع الوزارة من جانبه أوفد مسؤولي مكتبه الهندسي إلى الجامع لقياس إحداثياته، حيث أصدروا تقريرا فنيا أكدوا فيه بالفعل وجود انحراف للقبلة من الجهة اليمنى للمنبر. بعدها تم توجيه الإدارة العامة للأوقاف والمساجد بالمباشرة الميدانية ووضع الدراسة الهندسية المتواكبة مع الإحداثات الجديدة للجامع، خصوصا في ظل تحذير المصلين من وجود تشققات في عدد من جوانب الجامع. إعادة تأهيل بالكامل من جانب آخر أكد عدد من مرتادي الجامع أن الانحراف وحسب مشاهداتهم على أرض الواقع يشير إلى ضرورة هدم الجامع بالكامل، ومن ثم إعادة إعماره وفق مواصفات جديدة بشأن اتجاه القبلة، لافتين إلى أن البدائل التي اكتفى بها فرع الوزارة بوضع أشرطة لاصقة على امتداد سجاجيد الصلاة الخاصة بالجامع طمست كثيرا من معالمه الروحانية وقلصت من سعة الجامع. أما سلمان بن زيد الرشود إمام الجامع الذي اكتشف انحراف القبلة فقال ل “شمس” صعدت إلى سطح الجامع ومعي المؤذن للوقوف عن كثب على أعمال إصلاح السماعات العلوية المعلقة بالمئذنة، فأخذت أتأمل الشوارع والميادين المحيطة بالجامع لاكتشف أن هناك خطأ ما في اتجاه القبلة، بالنظر إلى مبنى وقف الملك عبدالعزيز المجاور تماما للحرم. وأضاف أنه وفي اليوم التالي لاكتشافه راجع فرع وزارة الشؤون الإسلامية وخرج منه مصطحبا خبراء هندسيين أكدوا له بالفعل وجود انحراف للقبلة تجاه اليمين وتم تحرير تقرير بذلك ورفع لفرع الوزارة. وذكر الرشود أن الجامع في حاجة إلى دراسة عاجلة بغية البدء في تأهيله مرة أخرى وبما يتوافق مع مساحاته الشاسعة التي تتسع لأكثر من 1500 مصل. مشيرا إلى أن الجامع سبق أن هدم وأعيد بناؤه في عام 1406ه بعدما تبين أيضا وجود خطأ في اتجاه القبلة. لافتا إلى أن بعض التشققات الموجودة تشكل بعضها خطراً حقيقياً على المصلين. لا حاجة إلى الهدم من جانب آخر أكد فرع وزارة الشؤون الإسلامية بمكة المكرمة أن الجامع لا يحتاج إلى عمليات هدم بدعوى أن حالته الإنشائية ممتازة. وأشار المهندس الدكتور عاطف بن حبيب بخش مدير إدارة المتبرعين بفرع الوزارة إلى أنه لا توجد أي شروخ أو تمايلات، فالمبنى لم يمضِ عليه سوى نحو 25 عاما في حين أن العمر الافتراضي المتعارف عليه للخرسانة 50 عاما. وشدد على أن الانحراف في القبلة بسيط، ويمكن تداركه بدلا من إعادة بناء كاملة للجامع تكلف أموالا طائلة يمكن الاستفادة منها في بناء مساجد أخرى. أخطاء البوصلة ولفت إلى أن الأخطاء في وضعيات القبلة واردة خصوصا بالمساجد والجوامع قديمة البناء، حيث كان الناس في السابق يعتمدون على أجهزة البوصلة التي كشفت وسائل تحديد الاتجاهات الحديثة عن وجود فوارق في دقتها تم تداركها في نحو 150 مسجدا. وقال إن تحديد القبلة للمصليات ومنذ نحو عشر سنوات يتم عن طريق مكتب هندسي متخصص ويعمل بأنظمة أكثر دقة وحداثة، حيث يتم الكشف عن القبلة من خلال نظام تحديد المواقع الجغرافية بالأقمار الصناعية “GPS”وهو مرتبط بخطوط الطول والعرض للموقع المراد تحديد اتجاه قبلته الصحيحة تجاه الكعبة.