شهد الموسم الرمضاني هذا العام انحدارا كبيرا في مستوى الأعمال المعروضة، ووضح للمشاهدين حجم المعاناة التي تعيشها هذه الأعمال، بداية من النصوص الركيكة والأداء المبتذل، إضافة إلى الإخراج الذي فقد هيبته، وأصبح ينفذ ما يملى عليه.. وغابت الكوميديا والتراجيديا الحقيقية، على الرغم من حضور الكم الكبير من الأعمال التي اصطفت طوابير على المحطات الفضائية.. «شمس” استمعت إلى عدد من آراء الفنانين المحليين والعرب عن الموسم الرمضاني الماضي، ورصدت في التقرير التالي بعض التذمر من الفنانين حول ما قدم من أعمال.. مسلسلات تهدم الأجيال البداية كانت مع الفنان عبدالعزيز مخيون، الذي انتقد توجه القنوات الفضائية نحو تياري الكوميديا والتراجيديا، وقال: “أستغرب هذا الكم من المسلسلات التي أثبتت فشلها الذريع في إقناع المشاهد”، متسائلا عن غياب الأحداث والوقائع التي تعيشها الأمة عن الشاشة الرمضانية؟.. وأضاف: “كرست القنوات الفضائية جُل أعمالها في الكوميديا، التي أعتبرها تهريجا ونشر غسيل الشعوب عبر حقائق غير صحيحة، بالإضافة إلى مسلسلات أخرى تكرس القبلية، بينما وجدنا أعمالا لم تحترم الشهر الكريم من حيث المضمون أو السيناريو”. وعن أسباب الفشل، ذكر مخيون، أن اللهث السريع للوصول إلى الشاشة الرمضانية أكسب تلك الأعمال ركاكة وسوءا في الإعداد. وطالب مخيون الفضائيات بالبعد عن التعري والرقص؛ لأن الشاشة مِلك لجميع أفراد الأسرة، ويشاهدها الشباب، وبهذا فإننا بهذه المسلسلات نسهم في بناء جيل هش بلا قيم. المسلسلات مثل أطباق رمضان الفنان محمد بخش شبّه الأعمال الرمضانية بسفرة الإفطار، مؤكدا، أن الفضائيات هذا العام قدمت أعمالا تذبذبت بين الجيد والرديء، وانتقد بخش بعض الأعمال المقدمة، يقول: “بالنسبة إلى (بيني وبينك)، فأوجه رسالة إلى الزملاء القائمين على المسلسل بالبحث عن سيناريو جيد يخدمهم ويخدم المشاهد”، وعن أبرز الأعمال التي لفتت انتباه قال: “(شعبان في رمضان) من الأعمال الرائعة التي قدمت هذا العام، حيث عالج عددا من المشكلات الاجتماعية بأسلوب كوميدي راقٍ، لكن من وجهة نظري تمنيت أن يعرض في غير رمضان، والسبب أن حبكة المسلسل لم تكن مخصصة للشهر الكريم؛ لذلك لو تم عرضه في أي وقت فسيلقى نجاحا”. وذكر بخش، أن مسلسلي أم البنات وصدق وعده، ممتازان، فضلا عن (قلوب للإيجار)، حيث شدتني قصته، وهو يطبق مثل (من خرج من داره قل مقداره). وعن كثرة الأعمال الدرامية في رمضان، قال: “أستطيع أن أوضح أنها لا تختلف عن السفرة الرمضانية؛ ففي رمضان يضعون جميع أصناف الأكل، لكن أنت كصائم تختار الأكلة المفضلة لك، وهذا ما حدث في رمضان؛ فالمشاهدون مع زحمة الأعمال الدرامية لم يختاروا سوى عملين أو ثلاثة، وهذه رسالة إلى المنتجين بعدم تكريس أعمالهم في رمضان”. 80 % من الأعمال رديئة الفنان جعفر الغريب عبَّر عن استيائه من المسلسلات، وقال: “بصراحة الأعمال هذا العام 20 في المئة جيدة والبقية لا تنفع وغير صالحة؛ لأسباب عدة؛ فهي مليئة بالأخطاء، بل إن غالبيتها تحولت إلى التهريج المبتذل، الذي لا يخدم المشاهد أو قضاياه، كما أن الكثير من تلك الأعمال افتقدت الحبكة الفنية والإخراج الجيد. وأضاف: “أعمال رمضان هذا العام بلا هوية ولا هدف، وهذا ما جعل قناعتي لا تؤمن بأكثر من عملين بين هذا الكم الهائل من الأعمال في ظل تنوع المطروح، وتأرجحه بين الفكاهي الساذج والدرامي الفاضح الذي تجاوز الذوق العام ومتابعة مثل هذه الأعمال هدر للوقت وخدش للأدب العام”. كثرة الأعمال تدمّر الفن من جانبه انتقد بشير الغنيم تكريس الأعمال الدرامية في شهر واحد، قائلا: “هذه خطوة ستدمر الفن؛ لأن عرض الأعمال في رمضان، وتكرارها طوال العام لا فائدة منه؛ لذلك يجب تنويع أيام العرض وعدم تركها لرمضان، ومن خلال متابعتي لما قدم خلال رمضان، لم أجد ما يستحق العرض والمتابعة سوى 40 في المئة منها”. وأضاف: “الأعمال الدرامية باتت تعتمد على الأسماء، وتبقى مشكلة النجوم الذين للأسف لم يقدموا ما يشفع لتاريخهم”. وذكر الغنيم، أن النجاح مشترك، كذلك الفشل؛ فالجميع يتحمل نتائجه، والملاحظ في ما قدمته القنوات الفضائية هذا العام تكرار الألفاظ الكوميدية، التي أستطيع القول هنا وبكل جرأة إن الدهر أكل عليها وشرب، فغالبية الفنانين قدموا (إفيهات) كانوا يتوقعون أنها ستضحك المشاهد، لكنها في الأساس تجعله يبكي على حال كوميديا اليوم؛ لانعدام القدرة على الابتكار وتوظيف المشهد مع الكلمة. وحول العمل الأبرز قال الغنيم: “توقعت نجاح عمل هذا العام، لكني صعقت بتردي مستواه وهو (وراك وراك)، الذي لم أتخيل أن يكون بهذه الصورة، لكن هناك أعمالا نجحت مثل (أم البنات) و(هوامير الصحراء)، الذي استطاع كسر الحواجز بفكرته الجميلة”. أعمال تجيب الحموضة وأكد الفنان لؤي محمد حمزة، أن حشو الأعمال في رمضان ظاهرة غير صحية، وقال: “لا أحبذ أن يكون رمضان مسرحا صاخبا يعج بالمسلسلات، وفي ظل هذا الكم الكبير من الأعمال لا أستطيع الحكم على الأعمال المقدمة؛ لأني باختصار لم أتابع غالبية ما تم عرضه”. وأشار حمزة إلى أن روحانية الشهر تجبر الشخص على أن يكون قريبا من الله، لا من الشاشة. وعن الأعمال التي استطاع متابعتها، ذكر، أن (أم البنات) كان رائعا، وأن (طاش ما طاش) خالف التوقعات، وقدم بعض الحلقات الجيدة، التي اتصفت بالجرأة. وعن كثرة الأعمال الدرامية في رمضان، أوضح حمزة، أنه من الأخطاء الفادحة أن يعرض أكثر من 100 عمل في شهر واحد؛ لأن كثرتها تصيب بالتخمة والحموضة، فالعمل الناجح سيحقق التفوق في رمضان أو غيره، وأضاف: “الحمدلله أن المسلسل الذي كتبته وأنتجته لم يعرض في رمضان؛ لأن نسبة المشاهدة ستتقلص بنسبة 70 في المئة، ولو أتينا بلميس ومهند في رمضان، وهما الأكثر شعبية، لما شاهدهما أحد”.