صخب من نوع خاص، ولهفة بمذاق مختلف والحضور نسائي والدعوة عامة، على الرغم من غرابة الحدث بعض الشيء عند الكثيرات، إلا أن الخطوات لا تتوقف، والأصوات مبتهجة؛ فهو شرفة ولا أجمل منها لتطل المرأة السعودية منها على عالم الثقافة المسرحية الغائبة. الحشود أمام بوابة مركز الملك فهد الثقافي وداخل ساحاته تبحث عن (الهامورة) عن ميساء مغربي ومفاجأتها الغنائية، عن بسطات الحريم وتجارتهن الموؤودة على الأرصفة، الحكاية مشوقة، لكن أبطال المسرح كانوا أكثر جاذبية، فهنا إحدى الفتيات اليافعات تقف إلى جانبي وتمسك بيد صاحبتها وتقول: “بسرعة نشوف ميساء”! إحدى السيدات، على الرغم من أنها تسير ببطء وتسندها خادمتها، إلا أنها متلهفة لإيجاد مقعد، ومن بعيد تسأل: “هل تبقى مكان..”؟! تبدو الطرقات من وإلى مركز الملك فهد الثقافي منذ الساعة الثالثة والنصف عصرا وحتى منتصف الليل تعج بالباحثات عن الوعود الترفيهية وعن المتعة المنشودة في فعاليات العيد بمدينة الرياض لهذا العام. الجميع يبحث عن أماكن لمشاهدة المسرحيات والعروض وقضاء وقت مختلف لم تتعود عليه الرياض من قبل، الأجواء حماسية، ومن حضر في اليوم الأول أعاد التجربة في اليوم الثاني. الكل يتجول ويسأل عن مواعيد العروض، يحملون ابتساماتهم، وتخميناتهم، وعلى الرغم من ضياع المعلومة وقصور التنظيم في توفير مرشدات يتحدثن إلى الزائرات، وعلى الرغم من غياب اللافتات الإرشادية، إلا أن النساء لم يتوقفن عن البحث بطريقتهن؛ للحصول على ما أتين لأجله. من بعيد هناك مجموعة من السيدات يشرن إلى الأعلى، وأخرى ارتقين الدرج نحو المسرح الذي يتسع لأكثر من ألف متفرجة، الكل يركض نحو البوابات المفتوحة، والبعض منهن وقفن بحسرة أمام الأبواب المغلقة، التي تتسرب منها أصوات الهتافات والتشجيع بعد دخول الممثلات. وحالهن يقول: “وضاعت فرصة إيجاد الهامورة”. في وقت عرض المسرحية ذاته كانت هناك مئات من السيدات من الأعمار كافة يقفن خلف الأبواب، يسألن عن القصة، وينتظرن. ولو أن المنظمين افتعلوا طريقة النقل المباشر للمسرحية وعرضها ضمن شاشة كبيرة لوفروا على الكثيرات انتظارهن لخروج من هن داخل المسرح وسؤالهن عن الأحداث فالحل بسيط أمام عدم استيعاب المسرح الذي يبدو بالفعل غير كاف أمام الأعداد الكبيرة، التي بدأت بالتعرف على المسرح السعودي، وبدأت تخطو خطوات مبشرة نحو تعلم ثقافة الحضور، والاستمتاع، والتصفيق. ربما من الحق أن نقول: “المتعة غير كاملة”، لكن من الخطأ أن نصفها بغير الجيدة، فهي تباشير جيدة جدا لثقافة مسرحية قادمة. يكفي أن هناك جيلا يسعى بكل عزمه ليحصل على ما يريد، كصديقتي المتحمسة التي وجدتها قبل مغادرتي المكان وهي تجلس مع رفيقتها على الدرج، سألتها: “شفتوا ميساء”؟ قالت: “لا..” ثم قالت الأخرى وهي تضحك: “غدا سنكمل البحث عن الهامورة”.