خرج منتخبنا من الملحق الآسيوي المؤدي إلى كأس العالم بعد أن عجز عن التغلب على المنتخب البحريني الشقيق، وهذا الخروج لم يكن مفاجئا لمتابعي كرة القدم السعودية، فالكرة السعودية ومنذ كأس العالم في فرنسا عام 1998م، وهي تتراجع بسرعة بل إن الكرة السعودية فقدت هيبتها، على كل المستويات حتى أصبح تحقيق بطولة إقليمية يمثل إنجازا يخرج مواكب الفرح في شوارع مدن الوطن ..!! من يعتقد أن نتيجة مباراتي كوريا الشمالية والبحرين هي التي ذهبت بنا بعيدا عن الطريق إلى جوهانسبيرج، فهو إما أنه يحلم وإما أنه لا يقرأ واقع الكرة السعودية .. بعيدا عن مسيرتنا في الدروب إلى التجمع العالمي لكرة القدم في الأعوام الماضية وما عانيناه في الحضور العالمي، إلا أن الوصول بحد ذاته قياسا بواقعنا، كان حلما يراودنا، ولكنه ضاع منا عندما عجز الحظ عن حمل أخطائنا، وهذا الضياع كانت مؤشراته ملموسة منذ بداية التصفيات، ولم يكن مستغربا ألا نتأهل، بل الغرابة كانت ستطل برأسها لو تأهلنا، ففي مونديال ألمانيا تأهلنا بفزعة بحرينية لا أحد ينكرها.. ما حدث في مساء الخروج المر هو محصلة أخطاء تتراكم منذ خمسة عشر عاما على كل المستويات، فنحن نفتقد للعمل المؤسس، لذا نحن بحاجة إلى مراجعة كبرى، تشمل واقع الكرة السعودية، فأنظمتنا ولجاننا وقراراتنا وبطولاتنا كلها تفتقد للشيء الكثير حتى تعود كرتنا لمسارها الذي كانت عليه عام 1994م. الحلول الشكلية جربناها في أكثر من أزمة، ولكنها بكل أسف كانت تخرجنا من أزمة لتدخلنا في أزمة أكبر، نحن بحاجة إلى شجاعة مواجهة الواقع المؤلم لكرتنا السعودية، وهذا لن يتم إلا بتشكيل لجنة من الخبراء مستقلة عن اتحاد كرة القدم تدرس واقع الكرة السعودية بكل معطياته، وترفع توصياتها التي يجب أن تؤخذ بجدية تامة مهما كانت التضحيات كبيرة للوصول إلى تصحيح المسار.. أما إن جاءت الحلول على الطريقة المعتادة التي لا تتجاوز تغيير مدرب، ومدير منتخب، وبعض اللاعبين الذين حملوا أخطاء غيرهم، فالحال سيبقى على ما هو عليه حتى إن رفعت شعارات وصيغت عبارات، فقد جربنا هذا الحل الوقتي كثيرا الذي ما ينتهي أثره النفسي حتى نعود لذات الوجع.. كرتنا السعودية في أزمة عميقة لن تخرجها الحلول الشكلية، بل هي بحاجة إلى مراجعة كبرى لواقعنا الكروي بكل معطياته ولجانه ورجاله ولوائحه وأنظمته التي أوصلتنا إلى هذه النهاية المحرجة.