في الوقت الذي يبرّر فيه فرع وزارة المياه بالطائف أزمة المياه بأنها غير مفتعلة، اعتلت أصوات بعض المواطنين ساحات المساجد بالطائف، مؤكدين لكافة المصلين، أمس الأول، أن الأزمة مفتعلة لأجل المكاسب المادية لا أكثر، وبهذا أخذت الأزمة منحى آخر ينبئ بحدوث كوارث إنسانية في ظل صمت المسؤولين عن أزمة المياه؛ حيث قاطع عدد من المصلين بأحد جوامع المحافظة خطيب المسجد خلال إلقاء خطبته وأيّدهم العشرات من المصلين برفض ما يتحدث عنه الخطيب، مشيرين الى أن خطب الجمعة أصبحت لا تلامس أوجاع السكان وهمومهم اليومية. وقال أحد المصلين إن الخطبة يجب أن تكون عن محنة المياه في الطائف وافتعال هذه الأزمة الحقيقية من قبل المسؤولين على حساب المواطنين الذين أعياهم الانتظار بصالات الأشياب وأنهكت جيوبهم مناشير أصحاب السوق السوداء، ويجب التشهير بهم. وبرّر المتظاهرون بساحة المسجد الداخلية حديثهم للإمام، الذي أنصت إليهم، بأن الأزمة تصب في صالح المقاولين والمسؤولين عن أشياب المحافظة؛ وذلك لأن جميع الأحياء التي يسكن بها مسؤولو فرع المياه بالطائف شملت رحمتهم كافة الأحياء ولم ينقطع عنها ضخ مياه الأنابيب، أما الأحياء التي لا يسكن بها مسؤولون من المياه أيضا أو ليس لهم علاقة بهم انقطعت عنهم مياه الضخ الأرضي عبر أنابيب الشبكة، وهذا يفسّر التحكّم في محابس الضخ للمياه. وأضافوا بعد أن علت أصواتهم أن وزارة المياه نقلت الأزمة من جدة التي عانت منها طويلا إلى الطائف حيث ألقت بظلالها مع الموسم السياحي بها، مشيرين إلى أنه سبق لأحد المسؤولين بمياه الطائف أن عدّل اتجاه مواسير ضخ المياه إلى مزرعته وأغدق الماء على حيواناته الأليفة بها بعد اكتفاء منزله الذاتي من المياه، في الوقت الذي تحتشد جموع الآلاف من المواطنين أمام صالات الأشياب، وبعد أن أنصت الإمام والخطيب لصيحات المصلين، أجاب بأنه إذا كانت الأزمة مفتعلة فذلك حرام. وقال مقعد البرجس وعبدالله العتيبي من سكان الحوية: “إن عدوى أزمة المياه التي كانت تلقي بظلالها على جدة أصابت الطائف ودائما ما تحدث أزمة المحافظة مع قدوم فصل الصيف لتزايد الزوار والمصطافين على مدينة الورد؛ فترتفع آلية الطلب على المياه ليحدث ارتفاع لأسعارها يستنزف جيوبنا داخل صالات الأشياب”، وأضافا أنهما توجها إلى صالة أشياب المثناة لتعّذر طلبهم في الحوية، حيث قال لهم الوافد الذي يعمل بإدارة الشيب إن الطلب الذي يخصّكم سيصل غدا لشدة الزحام من المواطنين، وقالا إنهما وصلا إلى المثناة عند الساعة الثانية ظهرا وانتظرا حتى الساعة السادسة مساء وعادا إلى منزليهما بوايت ماء واحد اقتسماه فيما بينهما من داخل السوق السوداء بسعر 350 ريالا. ويشير كل من عبدالرحمن جبر السويطي وأبو ياسر إلى أن السوق السوداء الرائجة بصالات الأشياب أخذت منعطفا خطيرا، أمس الأول، حيث فضّل العديد من المواطنين الاصطفاف ضمن طوابير بيع الكوبونات التي باتت تضاهي طوابير الانتظار لدى الأشياب للفوز بوايت ماء، وأخذ طابور السوق السوداء مكانا له داخل صالة أشياب المثناة، وسمي بطابور الجشعين؛ حيث يلجأ إليه العجزة وكبار السن من أجل الهروب من الزحام والتدافع لدى شبابيك الأشياب وتفادي ساعات الانتظار الطويلة وهم صائمون. وأضاف محمد العتيبي أن كمية المياه المصروفة للطائف وما يتبعها من محافظات ومراكز كانت عند حد 130 ألف متر مكعّب ولم تشهد أزمة مياه كما تشهدها اليوم. من جانبها علمت “شمس” من مصادرها أن الأزمة تسبّبت في عقوق أحد الأبناء لوالده بالطائف، وزادت حدّة الخصام بين الوالد وابنه بعد أن حاول الأخير إفهام والده أن إدارة الشيب بالمثناة أخبرته أن رقم “السرا” لا يصل إليه إلا غدا. الأمر الذي أثار غضب الأوّل بعد انتظاره وايت الماء؛ حيث أرسل ابنه لجلب وايت ماء لمنزلهم حيث تعد فيه وجبة الإفطار لعدد من الضيوف والجيران؛ ما أوقعه في حرج لخلو منزله من قطرة ماء، فطلب الوالد من ابنه أن يعود بسرعة لإحضار وايت من السماء أو من الأرض ليرفض الابن ويغادر المنزل إلى أحد اقربائه لعدم تفهّم والده أزمة المياه وتداعياتها، فتدخلت “شمس” بعد وساطات عدة وأصلحت بين الأب وابنه وأحضرت أيضا ما يقارب ستة جراكل إلى منزل الوالد. من جانب آخر، أصبحت إجابة مسؤولي المياه الشمّاعة التي يعلّقون عليها اتهامات وشكوك المواطنين، حيث أكّد مصدر ب(مياه الطائف) أن أزمة المياه غير مفتعلة ويجب على المواطنين أن يستغلوا ترشيد المياه بالشكل المطلوب، وأضاف أن نسبة مياه الطائف لم تتجاوز 140 ألف متر مكعب.