لا شك أن نعمة الاتصال من النعم العظيمة التي أنعمها علينا الباري سبحانه وتعالى؛ إذ إنها ربطت بين الأخ وأخيه وأبيه وغيرهم من الأهل والأرحام. لكن أبت نفوس شركات الاتصال إلا أن تعكر لنا صفوة هذه النعمة بما سأوضحه من خلال السطور المقبلة، وقليل من الناس من يشعر بهذا التعكير؛ وذلك لسببين اثنين، أحدهما الثقة التامة في هذه الشركات (الاتصال)، وقديما قيل: “القانون لا يحمي المغفلين”، ويبدو أن هذه الشركات انطلقت من هذا المنطلق لاصطياد عملائها. والسبب الثاني أن فرحة المتصل وسروره باتصاله بأهله وأحبائه لا تجعله يهتم بمحاسبة شركة الاتصالات التي لديه اشتراك فيها، بحيث إنه إذا أنهى اتصاله لا يتفقد ولا يتحسس ما صرفه في تلك المكالمة، لذلك السببين غفل كثير من الناس مراعاة حقوقهم والتي ربما تُسلب منهم مرارا وهم لا يشعرون. المهم في الأمر عندما نأتي إلى (شركات الاتصال) ونقارن بين الحقيقة والخيال أو بين الأمانة وعدمها. فقبل أيام اتصلت بأحد الإخوان على هاتفه الثابت لأقول له (اتصل بي)، بعدها نظرت إلى جوالي لأعرف القيمة التي استهلكتها هذه المكالمة الصغيرة، وإذا بي أجد أنه أُخذ من رصيدي (150 هللة)، مع أنني كنت أتوقع أن يؤخذ من رصيدي مبلغ خمس هللات أو حتى عشر هللات؛ لأني قلت (يا فلان اتصل علي).. ثلاث كلمات فقط، وبعدها أغلقت الجوال، ولا أدري هل أصبحت الكلمة ب(نص ريال). بعدها قلت في قرارة نفسي لا يهم فربما احتسبوا قيمة هذه المكالمة على أنها (برقية). وبعدها بأيام وأيضا ليست بالكثيرة وأنا أضع جوالي على بعد متر مني في منزلي فإذا بجوالي يفضحهم برنة جرس واحدة اتضحت أن رصيدي قد خصم منه، وللتأكيد نظرت إلى جوالي وكنت أظن أن رنة الرسالة في جوالي قد تغيرت وأنه ربما أتتني رسالة، لأتفاجأ بأن رصيدي خصم منه مبلغ من المال لا أستطيع تحديده، ولم أجد أي رسالة توضيحية بعدها تفسر ما حدث. بعدها تحسرت جدا وفقدت الثقة بهذه الشركة، وعندما أخبرت أحد الأخوان بما حصل لي من هذه الشركة، أكد لي أنه حدث معه الموقف نفسه، لكن مصيبته أكبر مني، حيث إن شركته الاتصالية تأخذ قرابة عشرة ريالات، وهي غير شركتي، الشيء الذي زاد حسرتي؛ لأني كنت قد نويت أن أنتقل إلى شركة أخرى اتصالية حتى أبني وأعمر بنايتي الجديدة، وحينها تذكرت قول الشاعر: ليس كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن