بعد الارتفاع الكبير في أسعار بيع المواد الغذائية الذي تشهده المناطق المأهولة بالسكان، توجه الكثيرون إلي الأسواق الشعبية، جنوبجدة، والتي تعرض المواد الاستهلاكية بأسعار زهيدة، وذلك ما جعلها تشهد ازدحاما متواصلا، أصبح معه الوضع في هذه الأسواق أشبه بالفوضى المنظمة؛ حيث الأواني المنزلية والملبوسات والمواد الغذائية، فكثير من باعة تلك السلع يقدمونها للعميل بأقل من 50 في المئة من قيمتها في المناطق المأهولة، والسر في ذلك أن مدة صلاحيتها أوشكت على الانتهاء، ما يدعو الباعة وهم من الجنسيات الآسيوية إلى تصريفها بربح يسير، ولو اضطرهم الأمر لبيعها برأس مالها. نور محمد، أحد الباعة المنتشرين هناك، تحدث ل “شمس” قائلا: “أشتري هذه البضاعة من بعض المستودعات بأقل من سعر بيعها على الآخرين، وأحضر هنا لبيعها وتصريفها، ولا أعلم عن تاريخ صلاحيتها شيئا”. فيما يقول أفصر حسين: “أعلم أن تاريخ صلاحية المواد التي أبيعها يوشك على الانتهاء، وأقوم بجولات على محال البيع بالجملة من أجل الحصول على تلك السلع بأقل الأثمان”، ويضيف: “أحضر بها إلى هنا، فلا أدفع قيمة إيجار سوى أني أقوم بتفصيل طاولة خشبية أعرض عليها ما أبيعه، خصوصا المنتجات التي يحرص السكان على تناولها في رمضان”. من جانبه يقول عبده علي: “رمضان هو الموسم الحقيقي لرفع دخلي بعد أن أوقف نشاطي وهو بيع الخضراوات لفترة مؤقتة، فمنذ سنتين تقريبا لي مستودعات أتعاون معها لتصريف بعض البضائع الرمضانية التي توشك على الانتهاء، وبعد تصريفها يتم الحساب”. وعن غياب الدور الرقابي الذي لا بد أن تمارسه الأمانة من خلال الجولات الميدانية، يقول زهير محمد: “البضاعة التي نبيعها غير مخالفة، فتاريخ انتهاء السلع التي نبيعها لم يحن بعد، وأقل بضاعة أبيعها بقي على صلاحيتها شهران على الأقل”، وعن الجولات التفتيشية يقول: “أعمل هنا منذ عدة سنوات ولم أر سيارة بلدية واحدة تتجول في المكان أو تسألنا عما نبيع”. “شمس” التقت أحد مرتادي تلك البسطات، فقال: “من غير المنطقي أن أشتري نفس البضاعة بأضعاف السعر، فعلبة الشوفان شارفت على الوصول لسعر تسعة ريالات، بينما أشتريها من هنا ب 3.5 ريال، فبمبلغ لا يتجاوز 400 ريال أستطيع شراء كل الاحتياجات”، وعن قرب انتهاء صلاحية تلك المنتجات، يقول: “منذ أكثر من أربع سنوات وأنا أرتاد هذه الأماكن، ولم يصبنا أي مكروه ولله الحمد؛ لأن المهم ألا ينتهي تاريخها ثم أستخدمها، فمائدة رمضان لا تتكرر كل الأشهر”. ويرى أحد المتسوقين ويدعى صالح سالم، أن انعدام الرقابة وغياب الوعي لدى المستهلك، بالإضافة للارتفاعات الخرافية للأسعار، تجعل البعض يشتري سلعا أوشكت صلاحيتها على الانتهاء، ويكثر ذلك من الوافدين وبعض المواطنين، خاصة المتدنية أجورهم، مضيفا: “سمعنا كثيرا عن لجنة حماية المستهلك، إلا إننا مازلنا لا نلمس أثرها”. ويشير سالم إلى أن الحل يتمثل في توفير المواد والسلع الأساسية للأسر بأسعار رمزية من خلال الجمعيات الخيرية، أو منافذ بيع كبرى، ومن شأن ذلك أن يخفف العبء عنهم . وفي المقابل يرى أحد بائعي هذه السلع أن الأمر ليس خطيرا بالشكل الذي يعتقده الكثيرون، فما لم تنته صلاحية السلعة فليس هناك ضرر منها، وعن الفئة الأكثر إقبالا على هذه السلع، يقول: “تشكل المطاعم نسبة 50 في المئة من الراغبين في مثل هذه السلع، إضافة إلى كثير من الوافدين ومحدودي الدخل”. وقد حاولت “شمس” الاتصال بأمانة جدة لسؤالها عن غياب الدور الرقابي، فلم يجب على اتصالاتنا أحد.