قال محمد الحربي والد المريض النفسي فهد الذي قَتَل فجر يوم الجمعة ممرضا في قسم الصحة النفسية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالزاهر في مكة: إنه مفجوع بما أقدم عليه ابنه، وأضاف وهو مجهش بالبكاء: “كان الاثنان ابناي، القتيل والقاتل. فأما القتيل فهو ابني الذي لم أنجبه وقد فقد حياته فيما كان يساعد مرضى كابني الحقيقي، وابني القاتل ها هو في السجن؛ بسبب سوء فعلته”، ثم اعتذر عن إكمال الحديث، وأخفى وجهه بين كفيه مجهشا بالبكاء. والحربي وهو في ال80 من عمره، ويسكن في مكة قرب حي التنعيم، لم يعرف بالخبر إلا بعد مرور 24 ساعة على الحادثة، فبحسب ابنه الثاني خالد، فإن الأب في وضع صحي لا يسمح له بتلقي مثل هذه الأخبار المفجعة، وآثرت الأسرة إخفاء الأمر عنه حتى مساء أمس الأول؛ لذا فقد كان عندما التقته “شمس” أمس في وضع صحي. الأمن لم يهتم ببلاغاتنا وقال خالد الحربي، شقيق القاتل المريض: إن أخاه ذا ال21 عاما، الذي قتل الممرض عبدالقادر المهابي أثناء عمله في المستشفى باستخدام سلاح رشاش آلي، كان قد أخذ سيارة أخيه وسلاحه، من حي الفواز في الرياض، حيث كان يقطن مع شقيقه، وغادر ليلا من دون علم أحد إلى مكة المكرمة”. وأضاف خالد: “حالما علمت بذلك في تلك الليلة، أبلغت دوريات أمن الطرق عنه وقلت لهم إن شقيقي مريض نفسي وإنه يستقل الآن سيارة من نوع جيب دايهاتسو موديل 2007 لونها رمادي، وإنه مسلّح برشاش آلي مذخّر، فقام العاملون بأمن الطرق بإعطائي رقما قالوا إنه للعمليات، وطلبوا مني أن أخبرهم بنفسي، فاتصلت بهم وأبلغتهم، كما قام شقيقي الذي يسكن في مكة بالاتجاه إلى مركز شرطة التنعيم وأبلغهم بالوضع”، ويضيف الحربي بحسرة: “كل هذه البلاغات لم تلقَ الاهتمام المفترض، وتمكَّن شقيقي خالد من الوصول إلى مكة والاتجاه إلى المستشفى ودخوله وتنفيذ ما أقدم عليه”. تفاصيل القبض وأوضح خالد، أن شقيقه بعد أن أتم فعلته، غادر المستشفى نحو الحرم المكي، حيث ظل هناك ثلاث ساعات، ثم غادر الحرم واتجه إلى المنزل وأوقف السيارة ونزل منها وجلس على الرصيف أمام باب منزل العائلة في حي التنعيم بمكة، وظل هناك حتى وجدناه نحن والجهات الأمنية بعد بحث مكثف صباح الجمعة، وقد قبضت عليه الشرطة وأحالته إلى شرطة التنعيم”. مريض دائم لدى المصحات وقال الأخ: إن شقيقه “مريض نفسي منذ طفولته”، ولديهم مئات التقارير من جهات ومستشفيات حكومية وخاصة تثبت مراجعاته وتلقيه العلاج، وأكد أن أخاه سبق أن أدخل إلى مستشفى الأمل النفسي بالرياض ومستشفى الدكتور عرفان وباقدو ومستشفى الزاهر، وقد مكث لدى مستشفى الأمل النفسي أكثر من أربعة أشهر، بدءا من 12 شوال الماضي. وقد عولج بالصدمات الكهربائية لدى مستشفى الدكتور عرفان، لكنها لم تكن فعالة، مؤكدا أن أخاه مصاب بمرض مزمن اختطف قدراته العقلية، ومنعه حتى من إكمال دراسته، على الرغم من أنه لا يزال صغيرا في السن. (الذهان) جعله سوداويا وأشار إلى أنه سبق للأسرة أن طلبت مساندة قسم شرطة التنعيم في حالات كان فيها شقيقه يختفي من البيت ومن الجوار، وأكد أن منسوبي قسم شرطة التنعيم يعرفون فهد جيدا ويعرفون بأمر مرضه، وأسهموا مرات كثيرة في البحث عنه وإعادته إلى المنزل، ويمكن الاستفسار من القسم لتأكيد هذه المعلومات. موضحا أن أخاه كان يصاب بتهيجات نفسية ونوبات تعاوده من حين إلى آخر كانت تستدعي من الأسرة نقله إلى المستشفيات، لكن الأسرة كانت تصطدم بعدم وجود فعال أو برنامج متكامل لمعالجة مثل هذه حالته، وعلى هذا الأساس كان فهد، والحديث لأخيه خالد، يدخل المصحات، ثم لا يلبثون أن يخرجوه منها، وحالته تتدهور يوما بعد آخر، ونوبة بعد أخرى حتى وقعت الحادثة المفجعة. وقال: إن الأسرة لاحظت ميلا “سوداويا وضلاليا” على ابنهم؛ بسبب سيطرة مرض الذهان عليه وتمكنه منه. لا علاقة بين القاتل وقتيله وذكر خالد الحربي: أن “الأسرة تنوي الذهاب إلى أهل القتيل وتعزيتها”، وقال: “ما أصاب أهل القتيل أصابنا وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعظَّم الله أجرهم وغفر الله للميت”. وأكد أنه لم تكن هناك عداوات أو معرفة شخصية بين شقيقه وبين القتيل، وقال: “جميع الروابط الذي تربطه بالقتيل هي علاقة الممرض بمريضه، وكان فهد عند نقله إلى المستشفى يتم التعامل معه بشكل عادي من قبل الأطباء والممرضين والعاملين في المستشفى، ولا تربطه علاقات شخصية أو صداقة مع العاملين في مستشفى الزاهر”. القانون: احتمالان في القضية من جانبه ذكر خالد أبوراشد المحامي القانوني في تعليقه على الحادثة، أن هذه القضية وتقارير الجاني تضع أمام الجهات الأمنية احتمالين، الأول أنه في حالة مرضية وهنا سيتم تشكيل لجنة طبية تكشف على الجاني، وتنظر إلى مرضه النفسي ومن أي الدرجات هو، وما مدى تأثير مرضه على قدراته العقلية، وهنا تخفف عقوبته، وإن أكدت تقارير الفحص أنه “مثل المجنون أو قريب من الجنون”، فإن القصاص يسقط عنه تلقائيا. أما الاحتمال الثاني فهو ثبوت عدم مرضه، وهنا سيحاكم كمكلف وسويّ.