من ساحات المحاورة وشعر القلطة إلى ساحات الإنترنت وصفحات المحادثات الإلكترونية، بهذه السرعة انتقلت كلمة (خلوها)؛ لتكون رمزا للرفض لكل ما لا يعجب الشارع. فبدءا من (خلوها تصدي) ومرورا ب(خلوها تخيس)، وليس انتهاء ب(خلوها تعنس) و(خلوها تنسم).. وقائمة أخرى من ال(خلوهات) إن جازت التسمية.. كل هذه الكليشيات ابتكرها أصحابها لرفض سلوك معين، أو الاعتراض على أمر ما يمس حياة الناس ومعيشتهم بشكل مباشر. تنظيمات إلكترونية وجدت من الإنترنت منبرا ومتنفسا لما تريد تغييره من أخطاء في المجتمع، أحدثت ردات فعل، تباينت ما بين المؤيد لها والمعترض عليها. لسنا بحاجة إليها خالد الشهري يسمع عن هذه الحملات كثيرا، لكنه لم يبدِ اهتماما عندما سألناه عن أحوال هذه الحملات الإلكترونية معه؛ إذ يقول: “إيميلي ممتلئ بكثير من هذه الرسائل التي تطلب مني الانضمام إلى حملات من نوع (خلوها)”، مبديا عدم تحمسه للأفكار التي تنادي بها هذه الحملات؛ فهي كما يقول: “مواضيعها لا تمسني بشكل مباشر؛ فأنا متزوج ولدي سيارة، ولست بحاجة إلى أن أشتري سيارة ثانية أو أتزوج بأخرى”. كلام فاضي أما أحمد الشدوي فلم يتركنا لنكمل السؤال حتى بادرنا قائلا: “والله يا أخي كلها استهبال في استهبال.. يوم خلوها تصدي.. ومرة خلوها تنسم.. وآخر واحدة خلوها تعنس وبيت أهلها تكنس”.. ويقلل الشدوي من التأثير الذي تتركه هذه الحملات لدى الناس؛ لأن أكثرها قائم على (التنكيت)، واصفا إياها بأنها “كلام فاضي.. وماعندهم سالفة”. ما زلت أنتظر لكن عمر الأهدل، الذي يقول إنه كان يسعى لشراء سيارة جديدة، وكان يتمنى منذ بداية حملة السيارات أن تثمر حملة (خلوها تصدي)، يقول: “لم ألحظ أي نزول كبير في أسعار السيارات في الوقت الجاري، وما زلت أنتظر إلى الآن، وهناك بوادر مشجعة على الانتظار أكثر”. العرَّاب والاستغلال عبدالمجيد عبدالله أحد عرابي الحملة المشهورة (خلوها تصدي) عاد بنا إلى بداية الحملة التي كانت بعنوان (لا.. لشراء السيارات)، وقال: “بعد فترة ظهر مقال في صحيفة الجزيرة للكاتب محمد آل الشيخ، وكان يتحدث عن المسافة بين مخازن السيارات في جدة وشاطئ البحر الأحمر، ذاكرا أن الصدأ سيأكل السيارات إذا لم يشترها أحد؛ لتأتي التعليقات من قبل القراء بكلمة (خلوها تصدي)”. ويضيف عبدالمجيد عبدالله أنهم تشجعوا لإطلاق هذا الاسم المختصر والطريف على حملتهم: “الشعار كان له دور كبير في إقبال الناس وتعريفهم بحملتنا”. وعن الحملات التي خرجت بعد ذلك مقتبسة كلمة (خلوها) في شعاراتها قلل عبدالمجيد من فعاليتها قائلا: “هذه الحملات التي قامت بعدنا لم تقم على تخطيط، اللهم إلا استغلال تأثير الحملة التي نظمناها، والرغبة في الوصول بسرعة اعتمادا على نجاحنا”. خلوها تعنِّس أما رامي الفردان أحد مؤسسي حملة (خلوها تعنس) فأوضح أن فكرة الحملة كانت قائمة منذ زمن، وقال: “تشجعنا لإطلاق الحملة بهذا الاسم بعد أن لاحظنا قبولا كبيرا لدى الناس لحملة (خلوها تصدي)”. وأضاف أن بعض الناس استغربوا المسمى؛ كونه في الظاهر يدعو إلى ترك الزواج، وقال: “لم نكن نحارب الزواج كما كان يتوقع البعض، أو نشجع العنوسة، إنما كنا نعترض بقولنا (خلوها) على السلبيات التي تصاحب الزواج، وتثقل كاهل الشباب”. ويوضح الفردان أنهم كمؤسسين للحملة حرصوا على أن تصل إلى أكبر عدد من الناس، ويقول: “كلما كان خطابنا مع الناس بلغة بسيطة صار للحملة تأثير أقوى”. مشيرا إلى أن الشعارات الرنانة لم تعد تؤتِ نفعا. لكن الفردان لم يخفِ أن الحملة في البداية لم يأخذها البعض على محمل الجد، ويقول: “كانوا يعتقدون أنها طرفة أو نكتة، بالنظر إلى الشعار الذي أطلقناه ولم يكن معتادا سماعه من قبل، بينما كنا جادين في حديثنا”.