يحتاج جسم الإنسان البالغ إلى ما معدله سبع إلى ثماني ساعات من النوم في اليوم؛ حتى يستطيع القيام بجميع وظائفه الحيوية على الوجه الأكمل، ويزيد هذا العدد إلى 16 ساعة بالنسبة إلى الأطفال الرضع، ويقل إلى نحو خمس أو ست ساعات بالنسبة إلى كبار السن. وتشير كثير من الدراسات الأولية التي أجريت منذ أكثر من عقدين على الحيوانات، والتي تم فيها دراسة أثر الحرمان الحاد والمزمن من النّوم، إلى أكبر الأدلة على أهمية النّوم السليم والكافي والتبعات الخطيرة التي تنتج من الحرمان منه. ومن ضمن الوظائف المهمة للنوم وظيفة إعادة شحن الطاقة، والمساعدة على النمو الجسدي والعقلي، وصيانة أعضاء الجسم لضمان قوة التركيز والنشاط أثناء النهار. وضمن هذا السياق لا بد من الحديث عن أهمية نوعية النوم واستقراره أثناء الليل، الذي لا يقل أهمية عن عدد ساعات النوم الكافية. فالمريض الذي يعاني رداءة طبيعة النوم أثناء الليل، وإن كان طويلا من حيث الوقت، قد يعاني نفس المشاكل التي يعانيها المحروم من ساعات النوم الكافية. ومن مضاعفات الحرمان المزمن من النوم تعكر المزاج وقلة التركيز وسوء الذاكرة قصيرة الأمد وصعوبة إعطاء الآراء السديدة، وكذلك زيادة حالات النّعاس والنوم القهري أثناء النهار. ولعل من أخطر مضاعفات الحرمان من النوم (بقسميه الحاد والمزمن) زيادة نسبة حوادث السيارات؛ فقد بيّنت الكثير من الدراسات زيادة معدل حوادث السير إلى ما يقرب من خمسة أضعاف عند الأشخاص المحرومين من النوم لمدة تزيد على 20 ساعة متواصلة، وكذلك عند الأشخاص الذين ناموا لما يقرب من أربع ساعات فقط في الليلة السابقة للحادث مقارنة بغيرهم من أصحاب النوم الكافي. وخلصت الدراسة إلى أن العمل في أكثر من وظيفة (صباحية ومسائية) والعمل بنظام المناوبات والقيادة بعد أكثر من 15 ساعة متواصلة دون نوم، خاصة خلال ساعات الليل المتأخرة، تعد من أهم العوامل الرئيسية لحوادث السير. وفي ضمن السياق يعاني كثير من المحرومين من عدد ساعات النوم الكافية، خاصة موظفي المناوبات الليلية، بعض المشاكل الصحية أكثر من غيرهم، كزيادة نسبة التهابات الجهاز التنفسي كالزكام وغيرها، والنزلات المعوية، إضافة إلى زيادة المشاكل العائلية والاجتماعية.