يمثل الأذان عندما يصدح به أصحاب نداء الحق عبر المنائر علامة فارقة للمدن الإسلامية، تتميز به عن غيرها من مدن العالم؛ فقد كان أول ما يلفت انتباه الرحالة الغربيين في رحلاتهم إلى البلاد الإسلامية، على الرغم من أن بعضهم قد لا يفقه معانيه، إلا أن ذلك النداء عندما يعبر الأثير يستوقفهم ويرهفون له أسماعهم باحترام وانبهار. ومن عظمة الله وحكمته أن الأذان لا ينقطع على مدار الساعة، إذ إنه عندما ينتهي في مدينة أو قرية، وبفارق التوقيت يرتفع في مدينة أخرى بشكل ترتيبي حسب خطوط الطول الزمنية عبر العالم. هنا أود أن أقف مع القارئ الكريم عند ملاحظة ليست بالجديدة عليه، ولكن من باب التذكير عبر منبر الصحافة الاجتماعي؛ فللأسف لا يحسن بعض المؤذنين أداء الأذان، إذ توكل هذه المهمة أحيانا إلى من لا يحسن العربية أصلا، أو بعضهم قد يؤدي الأذان وكأنه يريد المدينة بأكملها أن تسمعه لتعلم بدخول وقت الصلاة، وكأنه هو المؤذن الوحيد والمدينة بكاملها تنتظر أذانه، فيجأر بأعلى صوته، وهذه سنة ولا شك، حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع وجود مكبرات الصوت وتقارب المساجد ولله الحمد، وتغير نمط البناء الذي حاصرنا بالخرسانة والأسفلت من جميع الجهات مع قلة الغطاء النباتي، كل ذلك لا يساعد على امتصاص صوت المكبرات على ضخامتها وكثرتها على المنائر بشكل مبالغ فيه في بعض المساجد؛ فيأتي صوت المؤذن مدويا وكأنه من عدة مؤذنين، وهذا ليس تعميما، وإنما أقول البعض؛ فليتهم يقتدون بمؤذني الحرمين الشريفين؛ فالأذان له طرق ومقامات تتنوع بتنوع الدول والمجتمعات الإسلامية، لكن يجمع بينها أن له تجميلا وأصولا هي أشبه بترتيل القرآن الكريم. لذا فهو يتطلب التروي والسكينة، وهذه من دلائل أن الإسلام حضارة ومدنية كما أنه تعبد وشعائر، متمنيا لجميع المؤذنين التوفيق والأجر والثواب الجزيل من العزيز الحكيم. وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن زيد رضي الله عنه صاحب الرؤيا المشهورة عن الأذان (أخبر بها بلالا ليؤذن، فإنه أندى منك صوتا...) الحديث.