منذ وقت مبكر من عمره، عرف توفيق حسن قادري، أول طاهٍ سعودي عالمي، بأن الطهي هو هوايته، ورأى فيه مستقبله، وبنى على اساسه أحلامه التي حقق الجزء الأعظم منها ولا يزال في مسيرة تحقيقها. وقد ساعده انخراطه في هوايته على عيش حياة سعيدة، أبدع فيها في مجالات عدة لم تقتصر على الطهي فحسب بل تعدتها الى الفن والشعر والأدب، ليصبح قادري طاهيا بنفَس فنان. الأب يعارض فكرة “الطاهي” يتذكر قادري اللحظات الأولى من اكتشافه لهذه الهواية، ويقول ل “شمس”: “بعد تخرجي من الثانوية العامة، طلبت من والدي السفر لتعلم الطهي أكاديميا، لكنه رفض وأجبرني على العمل في مؤسسة النقد بالمدينة المنورة”، ولكن شتان بين أعمال المحاسبة والنقد وبين الطهي وابتكار الأطعمة، فلم يلبث إلا قليلا في عمله قبل أن يتدبر بمساندة من عمه، ودون علم والده، من السفر إلى إيطاليا ليتدرب على ايدي أشهر الطهاة في العالم، ولم يكن السعودي الأول في ذلك الصف، بل كان العربي الأول على الإطلاق الذي ينتظم في معهد للطهي. وأخبره مدير المعهد بأنه في حال استمراره بهذا المجال فإنه يتوقع له مستقبلا باهرا في الشرق الأوسط. من إيطاليا إلى مصر ثم إلى الوطن بعد أن أكمل قادري دراسته في إيطاليا حزم حقائبه وأوانيه واتجه نحو مصر، وتحديدا نحو الإسكندرية التي قضى فيها فترة تدريبية أذهلت المصريين آنذاك، لكن قادري كشف ل “شمس” أنه استقى أسرار الأكلات المصرية من والدته الإسكندرانية. وقضى في مصر بعض الوقت قبل أن يقطع البحر الأحمر عائدا الى الوطن، وبدأ عمله في وزارة الدفاع، وبعد وقت قصير انتقل إلى نادي ضباط القوات المسلحة، ومن النادي اتجه للعمل في الخطوط السعودية مشرفا على مطبخ التموين. المجتمع.. يتغير مع السنين بعد 30 سنة من ممارسته المهنة، رصد قادري خلال العقود الثلاثة نظرة المجتمع للطهاة، ولمس بنفسه كيف تبدلت نظرة المجتمع خلال هذه الفترة، وتبدلت آراؤه وقناعاته فأصبح بحسب قادري “يشجع ويدعم ويتقبل قبل ذلك، العمل في هذه المهنة”، وأضاف: “كثير من الشباب حاليا لديهم الرغبة والهواية في هذا المجال ولكن عدم وجود معهد متخصص لا يزال عقبة”، ويتوقع قادري ان افتتاح أو السماح بافتتاح معهد بهذا المستوى سيوفر إمكان التعلم وسيتيح وظائف لخريجيه للعمل في الفنادق والمطاعم، وهي على أية حال تدفع رواتب مجزية قد تتجاوز راتب المهندس والطبيب وغيرهما من المهن التي يُنظر إليها بشيء من التقديس. مسابقة على مستوى العائلة في المنزل، يستقر قادري مع بناته الثلاث وابنه، فقد انفصل عن زوجته منذ وقت مبكر، ويقول عن بناته انهن ينافسنه في الطهي؛ ما دعاه إلى تنظيم مسابقة لأفضل طبق يقيمها في المنزل مع بناته من فترة لأخرى، رغم أن أيا منهن لم تحترف الطهي كما الأب بل هن متخصصات أكاديميا في الطب والكمبيوتر والشريعة. ولدى قادري شغف بجمع الأواني المنزلية، ويقول ان لديه حاليا ما يزيد على 2000 قطعة جمعها في رحلاته المتعددة، التي يرى أنْ لا غنى عنها لأي طاهٍ محترف. أبوعلي.. (الحلا) المقوّي في مسيرته ابتكر قادري عددا من الأطباق من شتى المطابخ، لكن أحد أطباقه حقق شهرة جيدة، وهو طبق من الحلوى اختار له اسم (أبو علي) لمناهضة حلوى (أم علي) الشهيرة. ويقول قادري عن طبقه انه نال استحسان عدد من الشخصيات الذواقة، وقد أضاف إليه عناصر شهية ومفيدة في الوقت ذاته، ويقول ان هذا الطبق يقوّي الجسد والطاقة للرجال والنساء، وكشف أنه سيعلن وصفته ومقاديره في كتابه الذي سيصدر خلال شهر. أفكار المستقبل: أكاديمية للطهي وعن خططه المقبلة قال قادري: “أسعى جاهدا الى افتتاح اكاديمية لتعليم الطهي للرجال والسيدات في الرياض وأتمنى ان اعد اكبر طبق سعودي يدخل في جينيس للارقام العالمية، كذلك وصلت الى مرحلة تنظيم دورات للطهي وكذلك تحكيم لعدد من المسابقات في الطهي بين الجنسين. ولدي أيضا ثلاثة اطباق جديدة سأعلنها خلال الشهر المقبل وكذلك سأتوسع في فروع شركة المطاعم الخاصة بي وهي مطاعم “رز ولوز” ولنا الآن في الرياض ثلاثة فروع: الاول في حي الملك فهد واثنان في مركز جيان والرابع سيكون في دولة قطر قريبا”.