ما إن تستقر رسالة ما، في صندوق الوارد بجوال شخص ما أو إيميله الشخصي، أو يومض بها جهاز الفاكس الخاص به؛ حتى تعتريه ربكة وينتابه شعور، هو خليط من التوتر والاستبشار؛ ولسان حاله يردد: “خير.. اللهم اجعله خيرا”.وفي السنوات الأخيرة، ومع تقدم تقنية الاتصال وتعدد وسائطها، وضمن السباق المحموم بين الشركات وكذلك بين الأشخاص، لزيادة الأرباح، والحصول على المال، أصبحت أرقام الجوالات وقواعد البيانات وإيميلات المشتركين، نهبا لسيول من الرسائل الاقتحامية، التي تعرَف في أوساط المختصين بالاتصالات وتقنية المعلومات باسم ( SPAM ). وصار الأمر مشاعا لكل راغب في الإعلان عن سلعة أو تسويق خدمة، أو حتى ممارسة النصب والاحتيال على السعوديين وغيرهم.. مخترقا عليهم خصوصيتهم، دون وجه حق، وبلا استئذان.. وكل شيء وله ثمن.. والثمن هنا يدفع لمن يمتلك خط الهاتف أو قاعدة البيانات. فأين هي حقوق المشتركين في الحفاظ على سرية أرقامهم وبياناتهم الشخصية؟.. وبأي حق يقوم مزودو الخدمة، ببيع أرقام وبيانات ليست ملكهم، لشركات ليس من حقها؟.. ومن المسؤول عن حماية الأفراد من مثل هذه الأفعال التي ترقى إلى مستوى العدوان على الخصوصيات والحقوق؟ “شمس” نزلت إلى الشارع.. والتقت المواطنين والمقيمين.. واستطلعت آراءهم حول الموضوع.. فكانت الحصيلة هذا التحقيق: إزعاج من دون حق في البداية يقول أحمد عبدالعال: “هذه الرسائل أقلقت راحتنا”. ويضيف: “بعض الرسائل يتكرر أكثر من 20 مرة”. ويوضح: “أنهم لا يراعون حتى أوقات الصلاة، فيزعجون برسائلهم المصلين، وفي ظروف العزاء يتسببون في إحراجنا، وحتى في أوقات السفر والراحة يتسببون في إقلاق راحتنا”. ويقول: “عندما اتصلت على مزود الخدمة لأسأله عن سبب هذا الإزعاج، أجابني الموظف بأن ذلك ليس من تخصصنا”. ويشير عبدالعال إلى أنه بصدد الاستغناء عن رقم جواله الشخصي، الذي عرفه كثيرون؛ بسبب الرسائل التي لا نجد من يوقفها. صوت ناعم جدا أما فهد الكنعان فيرى أنه “في الوقت الذي يصل إلى جوالي كثير من الرسائل التجارية والإخبارية، إلا أنني لم أكن أتوقع أن يتطور الأمر إلى عصابات تقوم باصطياد المواطنين البعيدين عن المعرفة، وجني الأرباح على أكتافهم”. ويستطرد قائلا: “لفتت انتباهي رسالة تقول إنك من ضمن الذين تم السحب على أسمائهم، وإنني فزت بدخول في السحب على سيارة BMW”. ويوضح الكنعان: “مما شدني إلى الاتصال على الرقم، أن الذي كان يتحدث امرأة، صوتها ناعم جدا”. ويضيف: “قالت لي: نعم لقد دخل اسمك في السحب، وسمعت أصوات تصفيق، بعدها قالت انتظر حتى أسجل بياناتك الشخصية في الجهاز”. ويتابع: “وانتظرت 20 دقيقة على الجوال، ولم يرد أحد، وفوجئت بارتفاع مزعج في قيمة الفاتورة”. وهنا يؤكد الكنعان، أنه راح ضحية اتصال نصب واحتيال. ويقول: “إن كثيرا من المواطنين يحدث له ذلك”. ويتساءل: “من يوقف تلك العصابات ويحفظ حقوقنا؟”. رسائل فيروسات ويذكر هاشم محمد، فني صيانة، أن “المشكلة ليست في الإزعاج فقط، وإنما في أن كثيرا من أموال المواطنين تذهب في صيانة أجهزتهم، المرة تلو الأخرى؛ بسبب تلك الرسائل العشوائية، المحملة بكثير من الفيروسات المدمرة”. ويؤكد هاشم، أن “بعض برامج الحماية لا تستطيع أن تتصدى لنوعيات كثيرة من تلك الفيروسات، بل إنه في بعض الأحيان يكون الجهاز الجديد قيمته مقاربة لقيمة الصيانة”. ويقول: “كثير من الزبائن يكونون منزعجين بشكل كبير، من الرسائل الاقتحامية، وبخاصة التي تحمل فيروسات، فضلا عن تحميل صندوق بريدهم، بآلاف الرسائل التجارية والقائمة على النصب والاحتيال”. مقلقة ويذكر نايف الجنيدل، أن “كثيرا من الرسائل التي ترد إلى الجوال الخاص به، باتت مزعجة ومقلقة له بشكل كبير جدا”. ويضيف: “من تلك الرسائل ما يدعو إلى الفساد الواضح، من خلال مقاطع رقص وطرب”. ويقول: “وهناك منها ما يكون على شكل ألغاز وأشعار ومسابقات”. ويوضح أنها كلها “تدعو إلى المشاركة برسالة أو الاشتراك في الخدمة الشهرية، فهدفها هو الربح المادي”. ويطالب الجنيدل هيئة الاتصالات “بسرعة التحرك ووقف تلك الرسائل الاقتحامية، التي ربما لا تناسب كثيرا من المواطنين، ولا تراعي السلوك الاجتماعي في المجتمع السعودي”. ويؤكد أن “ذلك فيه تعدٍ واضح على حقوقنا كمواطنين، وليس من المعقول أن يغير المواطن رقم جواله كل شهر؛ بسبب تلك الرسائل الاقتحامية”.