كان الفنان إلى زمن قريب يحضر إلى الساحة الفنية من أجل المنافسة، وكان التنافس على القمة هدفا لكل فنان، حتى إن كان ذلك صعبا فإنه يراهن على وجوده، ويحاول بشكل أو بآخر الصعود إلى القمة حتى في حضرة طلال مداح ومحمد عبده وعبدالكريم عبدالقادر، ويحاول بشكل أو بآخر الدخول إلى معترك التنافس، ويحاول جاهدا الوصول إلى الأعمال التي تليق بآذان المستمعين، كما فعلها عبدالمجيد قبل أكثر من 25 عاما، وشاكس الفنانين الموجودين آنذاك، وحاول كثيرا انتزاع بعض الأعمال من أيدي محمد عبده وطلال وعلي عبدالكريم وعبادي ونجوم ذلك الوقت، واستطاع من خلال العديد من المحاولات صنع قاعدة جماهيرية كبيرة له بتلك الأعمال التي ما زال يذكرها جمهوره متى ما استرجعوا الذاكرة للفن الجميل، على الرغم من أن الجمهور حينها كان في صراع تعيين النجم الأوحد بين محمد عبده والراحل طلال مداح. الكثير من المطربين الكبار لم يعد يعنيهم كل ما يحدث، والبعض الآخر تنازل عن الكرسي الذي احتله لسنوات طويلة سواء في اللون العاطفي أو الشعبي أو (الفرايحي)، وبقي كرسي النجم الكبير شاغرا، فساحة الأغنية السعودية مثلا لم تعد مقتصرة كما كانت في السابق على محمد عبده أو طلال مداح، بل أصبح هناك عبدالمجيد وراشد وجواد وعباس وخالد عبدالرحمن، وفي الكويت الأسماء متعددة وفي مصر حدث ولا حرج، وزمن الفنان الأوحد في عصر المواقع الغنائية والقنوات الفضائية انتهى إلى غير رجعة، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة، وحول هذا الموضوع طرحت "شمس" تساؤلاتها إلى عدد من نجوم الفن.. الكل بيغني توجهنا بسؤالنا إلى الفنان عبادي الجوهر الذي بدوره قال: "انتهى زمن الفنان الأوحد، فهناك الآن فنان يقدم ما يحلو له سواء كانت أعمالا دون المستوى أو غير ذلك، والجمهور أصبح يتقبل أي شيء، وهذا ليس بغريب إذا ما شاهدنا الأعداد الهائلة للمطربين القادمين من مختلف أنحاء العالم العربي". وأضاف: "(الكل عايز يغني)، حتى المنافسة الفنية لم يعد لها وجود، ولعل تواجد القنوات الفضائية، وحتى المنتديات الفنية والمواقع الرسمية للفنانين أصبحت تكتشف الأصوات، وتقدمها دون أن تكون هناك مقاييس لتقديم الصوت الحقيقي". وذكربأنه من كثرة الأصوات الموجودة في الساحة، لم نعد نعرفهم أو حتى نعرف أسماءهم، ونكتشف أن من يقدمهم لنا يقول عنهم النجم والفنان ونحن لا نعرفهم ولم نسمع بهم. القمة الفنان محمد عبده ذكر قبل سنوات في أحد لقاءاته أن ما يحدث الآن من تهريج لا يعنيه، فهو مشغول بنفسه، وبما يقدم للناس، لكنه لا يتوانى أبدا عن إبداء رأيه فيما يحدث، كما أكد أن النجومية المطلقة للفنانين أو المطربين بشكل عام قد تلاشت واستجدت في مجال الأغنية أهداف كثيرة يصعب على الفنان الحقيقي مجاراتها. وعن القمة يقول محمد عبده: "إن تبقى في القمة فهذا أمر صعب، ويحتاج إلى مجهود، وأعتقد أن أغلب الفنانين لا يهمهم الحفاظ على مستواهم الفني بقدر ما يهمهم أن يكونوا في الصورة حتى لو كانت بأقل الأعمال قدرا وقيمة". زمن.. وانتهى أما بالنسبة للفنانة أحلام فعلقت قائلة: "فعلا زمن الفنان الوحيد انتهى، ذلك الفنان الذي كنا نحاول، ونسعى جاهدين في السابق أن نتعلم منه ونستفيد، ولا يوجد فنان صاحب خبرة كبيرة إلا محمد عبده، والآن بكل أسف يظهر لنا فنان جديد لم تنجح له إلا أغنية وينظّر، ويقدم لنا نصائحه الثمينة حتى للمطربين الكبار". الرموز انتهت وتحدث الشاعر الغنائي محمد القرني عن ظاهرة سقوط الكبار والنجم الأوحد قائلا: "الرموز الفنية الكبيرة لم يعد لها ذلك التأثير، بل أصبح أغلب الفنانين الكبار يحاولون السير على خطى المطربين الشباب، وهناك فنانون أصحاب مدارس فنية في الأغنية الكلاسيكية، واتجهوا إلى الألوان الفنية التي يقدمها الشباب كالفنانة مياده الحناوي ووردة الجزائرية، وحتى قبل رحيله الموسيقار طلال مداح رحمة الله عليه، ومحمد عبده عندما أصبح يحدد هوية الألبوم قبل الطرح، فتجده يقول إن الألبوم المقبل شبابي أو طربي أو شعبي وغيرها"، وأضاف: "لم يعد هناك أي تقنين في دخول الأصوات للساحة، ولم تعد هناك شروط، بل أصبح لكل فنان جمهور، ومن المتوقع في الأيام المقبلة أن يصبح لكل شخص فنان يهتم به، ويغني له كل ما يريد، والتنافس لم يعد موجودا، وأصبح اهتمام الفنان ينصب فقط على جمهوره الذي يملكه، ويحاول زيادته".