تمر الأغنية الكويتية في السنوات الأخيرة بمنعطف فني خطير بعد توقف مؤشر الأصوات الغنائية عند كل من عبدالله الرويشد ونبيل شعيل ونوال، وعجزها عن ضخ أصوات جديدة يكون لها حضور في الساحة الأغنية الخليجية والعربية حتى تواصل مسيرة الفن الكويتي الذي يعتبر من أهم المحطات في الوطن العربي تأثيرا على صعيد الأغنية والإعلام بكافة وسائله. المتتبع لدور الفن الكويتي وتأثيره الإيجابي على أغلب نجوم الغناء في الخليج والوطن العربي يدرك أهمية ذلك؛ حيث يرى المهتمون بالحراك الفني أن الكويت كانت إحدى أهم البوابات الفنية والإعلامية لأي فنان قادم يملك الموهبة والحضور قادر على أنه يزيد من دائرة انتشاره فنيا على صعيد العالم العربي متكئا على موهبته الغنائية وفكره الموسيقي. تصدير الأصوات استطاعت الكويت أن تصدر للعالم العربي فنا راقيا من خلال الكلمة الكويتية المغرقة في محليتها والجملة اللحنية التي يشتم منها المتلقي رائحة شواطئها المالحة وبيئتها المتخمة بالفنون الكويتية الجميلة التي صنعت أصواتا لفتت الانتباه إليها مثل مصطفى أحمد وحسين جاسم وعوض دوخي وغريد الشاطئ وأحمد عبدالكريم وعبدالمحسن المهنا والفنان الحاضر الغائب عبدالكريم عبدالقادر وعائشة المرطة؛ حيث خلقت هذه الأصوات جيلا آخر تأثر بهم فلم يتوقف ذلك العطاء في تلك الفترة الزمنية حينما كانت الأغنية الكويتية صاحبة الريادة خليجيا لتكون مصبا فنيا في مجرى الفن الخليجي والعربي. ولادة الملحنين مع التطور في الفكر الموسيقي الذي طرأ على الأغنية ولدت أسماء من ملحنين وكتاب لعبوا دورا بارزا في نقل الأغنية الكويتية من الإقليمية إلى آفاق أكثر اتساعا كان لها بالغ الأثر في جلب الفنان والموسيقي العربي لهم، ولعل من أحدث نقلة مهمة في تاريخ الفن الكويتي المعاصر للحركة الفنية في الوطن العربي الملحن الراحل راشد الخضر الذي كانت له إسهامات واضحة والملحن عبدالله الرميثان وغنام الديكان وأنور عبدالله وخالد الزايد وعبداللطيف البناي وبدر بروسلي ويوسف ناصر المجددون في شكل الأغنية الكويتية التي ولدت معها أصوات عبدالله الرويشد ونبيل شعيل ونوال، ومع مرور الوقت ظهرت أصوات كادت تسحب البساط بحضورها مثل الفنان محمد المسباح وأحمد الحريبي وعبدالعزيز الضويحي ومحمد البلوشي وسعد الفهد لتقف عند سقف واحد لم تتجاوزه وفقدت بريقها الفني والإعلامي رغم توافر كل متطلبات النجاح في فترة ظهورهم. نقطة التحول لعل المنعطف الذي يمر به الفن الكويتي هو رحيل أحد أهم صناع الأغنية الملحن راشد الخضر الذي أحدث خللا رغم ولادة بعض الملحنين الشباب الذين حاولوا خلق روح جديدة على شكل الأغنية الكويتية مثل الملحن مشعل العروج وعبدالله القعود، معتمدين على فكرهم الموسيقي المهجن بالثقافة الغربية رغم استفادتهم من الموروث السعودي في بعض الجمل الموسيقية في أعمالهم أو البحث عن متنفس آخر من خلال استخدام الإيقاعات الإماراتية، لكن كل تلك المحاولات غيرت من شكل الفن الكويتي الذي يعاني من فقدان الهوية التي باتت تشكل هاجسا لكل المهتمين بشؤون الأغنية، كل هذه التراكمات جعلت البعض يطرح العديد من الأسئلة حول مستقبل الفن في الكويت: هل بدأ بالأفول خاصة أن الفنانين الثلاثة الذين يمسكون بباب الأغنية الكويتية الحالية تجاوزوا ال40 دون أن يكون هناك صف آخر يواصل المسيرة من بعد توقفهم.. فمن المسؤول عن ذلك: هل هو نتيجة ابتعاد الدعم الفني والإعلامي والمادي أم بسبب بعض الأيدي الخفية التي تسببت برحيل واختفاء وابتعاد البعض من المواصلة في ساحة الأغنية لتقتصر على أسماء الثلاثة المعروفين؟