صدق من قال إن "النار ما تحرق إلا رجل واطيها". وكنت قد كتبت هنا قبل أيام أيها السادة أعاذنا الله وإياكم من النار والعار والشنار أن أحدا لا يمكنه إنكار أن كثيرا من العاملات المنزليات يعشن نارا يومية من الذل والاحتقار وهدر الحقوق. لكن يبدو أن بعض أعضاء مجلس الشورى، الذي ناقش أمس الأول لائحة عمال الخدمة المنزلية، لم يشاؤوا أن يهبطوا من أبراجهم ليحاولوا المساعدة في إطفاء هذا اللهب الذي يكتوي به (إنسان) ألقت به أقدار وظروف لا كتبها الله عليكم إلى هذه الوظيفة. وعوضا عن أن يقاتل لإيصال الحقوق إلى أهلها آثر أحدهم أن يتهكم على اللائحة قائلا إن "كاتبها عامل منزلي". انتهت النكتة ولم يضحك أحد. والحق أن (النكتة البايخة) التي أطلقها سيادة عضو الشورى لا يمكن إلا أن تصب في مصلحة وزارة العمل معدة اللائحة التي أظهرت بشهادة العضو نزاهة عالية وإنسانية مفرطة تجاه شريحة عريضة تعيش بين ظهرانينا. وإن تعجب، فعجب اعتراضهم على اللائحة بأنها "تحتاج لمستشار في كل بيت للمراقبة من الساعة العاشرة مساء وحتى الخامسة صباحا"؛ إذ كان ينبغي على المرور قياسا على هذا الاعتراض أن يوفر رجل أمن في كل سيارة لتمرير لائحته الجديدة، كما على وزارة التجارة أن توفر مراقبين ومستشارين بعدد كل غرف ومكاتب الشركات الموجودة في السعودية لضمان تطبيق نظام الشركات.. إلخ. الحاصل أن بعض السادة أعضاء الشورى تعاملوا مع اللائحة بفوقية واضحة، وبتجاهل مرير لحق إنساني كان الأوْلى أن يدعمه السادة المشرعون.